للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسروه بضَاعَة " أَي أوهموا أَنه مَعَهم غُلَام مِنْ جُمْلَةِ مَتْجَرِهِمْ " وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ " أَيْ هُوَ عَالِمٌ بِمَا تَمَالَأَ عَلَيْهِ إِخْوَتُهُ، وَبِمَا يُسِرُّهُ وَاجِدُوهُ مِنْ أَنَّهُ بِضَاعَةٌ لَهُمْ.

وَمَعَ هَذَا لَا يُغَيِّرُهُ تَعَالَى، لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ الْعَظِيمَةِ وَالْقَدَرِ السَّابِقِ وَالرَّحْمَة بِأَهْل مِصْرَ ; بِمَا (١) يُجْرِي اللَّهُ عَلَى يَدَيْ هَذَا الْغُلَامِ الَّذِي يَدْخُلُهَا فِي صُورَةِ أَسِيرٍ رَقِيقٍ، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا يُمَلِّكُهُ أَزِمَّةِ الْأُمُورِ وَيَنْفَعُهُمُ اللَّهُ بِهِ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ، بِمَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ.

وَلَمَّا اسْتَشْعَرَ إِخْوَةُ يُوسُفَ بِأخذ السيارة لَهُ لحقوقهم، وَقَالُوا هَذَا غُلَامُنَا أَبِقَ مِنَّا، فَاشْتَرَوْهُ مِنْهُمْ بِثَمَنٍ بَخْسٍ، أَيْ قَلِيلٍ نَزْرٍ، وَقِيلَ هُوَ الزيف " دَرَاهِم مَعْدُودَة وَكَانُوا فِيهِ من لزاهدين ".

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَنَوْفٌ الْبِكَالِيُّ (٢) وَالسُّدِّيُّ وَقَتَادَةُ وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: بَاعُوهُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، اقتسموها دِرْهَمَيْنِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا.

وَقَالَ عِكْرِمَة وَمُحَمّد بن إِسْحَق: أَرْبَعُونَ درهما.

وَالله أَعْلَمُ.

" وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أكرمي مثواه [أَيْ أَحْسِنِي إِلَيْهِ (٣) ] " عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نتخذه ولدا "، وَهَذَا مِنْ لُطْفِ اللَّهِ بِهِ

وَرَحْمَتِهِ وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِ، بِمَا يُرِيدُ أَنْ يُؤَهِّلَهُ لَهُ (٤) وَيُعْطِيَهُ مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

قَالُوا: وَكَانَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ عَزِيزَهَا وَهُوَ الْوَزِيرُ بهَا،


(١) ا: فِيمَا.
(٢) هُوَ أَبُو زيد نوف بن فضاله البكالى.
وَهُوَ ابْن امْرَأَة كَعْب الاحبار.
تَابِعِيّ.
اللّبَاب ١ / ١٣٧.
(٣) لَيست فِي ا.
(٤) ا: لذَلِك.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>