للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَذْكُرُ تَعَالَى مَا كَانَ مِنْ مُرَاوَدَةِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ لِيُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ نَفْسِهِ وَطَلَبِهَا مِنْهُ مَالا يَلِيقُ بِحَالِهِ وَمَقَامِهِ، وَهِيَ فِي غَايَةِ الْجَمَالِ وَالْمَالِ.

وَالْمَنْصِبِ وَالشَّبَابِ.

وَكَيْفَ غَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ، وَتَهَيَّأَتْ لَهُ وَتَصَنَّعَتْ، وَلَبِسَتْ أَحْسَنَ ثِيَابِهَا وَأَفْخَرَ لِبَاسِهَا، وَهِيَ مَعَ هَذَا كُلِّهِ امْرَأَةُ الْوَزير.

قَالَ ابْن إِسْحَق: وَبِنْتُ أُخْتِ [الْمَلِكِ] (١) الرَّيَّانِ بْنِ الْوَلِيدِ صَاحِبِ مِصْرَ.

وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ أَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَابٌّ بَدِيعُ الْجَمَالِ وَالْبَهَاءِ، إِلَّا أَنَّهُ نَبِيٌّ مِنْ سُلَالَةِ الْأَنْبِيَاءِ، فَعَصَمَهُ رَبُّهُ عَنِ الْفَحْشَاء، وحماه عَن مَكْرِ النِّسَاءِ، فَهُوَ سَيِّدُ السَّادَةِ النُّجَبَاءِ، السَّبْعَةِ الْأَتْقِيَاءِ، الْمَذْكُورِينَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ مُعَلّق قبله بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرجل تصدق بِصَدقَة فأخفاها حَتَّى لاتعلم شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ".

وَالْمَقْصُودُ أَنَّهَا دَعَتْهُ إِلَيْهَا وَحَرَصَتْ عَلَى ذَلِكَ أَشَدَّ الْحِرْصِ، فَقَالَ: " معَاذ الله إِنَّه ربى " يَعْنِي زَوْجَهَا صَاحِبَ الْمَنْزِلِ سَيِّدِي " أَحْسَنَ مَثْوَايَ " أَيْ أَحْسَنَ إِلَيَّ وَأَكْرَمَ مُقَامِي عِنْدَهُ " إِنَّهُ لَا يفلح الظَّالِمُونَ " وَقد تكلمنا على قَوْله تَعَالَى: " وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا [لَوْلَا أَنْ رأى برهَان ربه (١) ] بِمَا فِيهِ كِفَايَة ومقنع فِي التَّفْسِير.


(١) لَيست فِي ا.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>