للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسِّحْرُ وَالْهَذَيَانُ خَوَارِقَ الْعَادَاتِ الَّتِي أَجْرَاهَا الدَّيَّانُ، عَلَى يَدَيْ عَبْدِهِ الْكَلِيمِ، وَرَسُولِهِ الْكَرِيمِ الْمُؤَيَّدِ بِالْبُرْهَانِ، الَّذِي يَبْهَرُ الْأَبْصَارَ وَتَحَارُ فِيهِ

الْعُقُولُ والاذهان! وَقَوْلهمْ: " فَأَجْمعُوا كيدكم " أَيْ جَمِيعَ مَا عِنْدَكُمْ " ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا " أَي جملَة وَاحِدَة، ثمَّ حضوا بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى التَّقَدُّمِ فِي هَذَا الْمَقَامِ، لِأَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ قَدْ وَعَدَهُمْ وَمَنَّاهُمْ، وَمَا يعدهم الشَّيْطَان إِلَّا غرُورًا.

* * * " قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا، إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ، وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ".

لما اصطف السَّحَرَة ووقف مُوسَى وهرون عَلَيْهِمَا السَّلَامُ تُجَاهَهُمْ - قَالُوا [لَهُ (١) ] إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ قَبْلَنَا، وَإِمَّا أَنْ نُلْقِيَ قَبْلَكَ " قَالَ بَلْ أَلْقُوا " أَنْتُمْ، وَكَانُوا قَدْ عَمَدُوا إِلَى حِبَالٍ وَعِصِيٍّ، فَأَوْدَعُوهَا الزِّئْبَقَ وَغَيْرِهِ، مِنَ الْآلَاتِ الَّتِي تضطرب بسبها تِلْكَ الْحِبَالُ وَالْعِصِيُّ اضْطِرَابًا يُخَيَّلُ لِلرَّائِي أَنَّهَا تَسْعَى بِاخْتِيَارِهَا، وَإِنَّمَا تَتَحَرَّكُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ، وَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ: " بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الغالبون ".

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاس واسترهبوهم وَجَاءُوا


(١) لَيست فِي ا (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>