للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" إِنَّه لكبيركم الَّذِي علمكُم السحر " وَأَتَى بِبُهْتَانٍ يَعْلَمُهُ الْعَالِمُونَ بَلِ الْعَالَمُونَ فِي قَوْلِهِ: " إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لتخرجوا مِنْهَا أَهلهَا فسوق تعلمُونَ "، وَقَوله: " لاقطعن أَيْدِيكُم وأرجلكم من خلاف " يَعْنِي يَقْطَعُ الْيَدَ الْيُمْنَى وَالرِّجْلَ الْيُسْرَى وَعَكْسَهُ، " ولاصلبنكم أَجْمَعِينَ " أَي ليجعلنهم (١) مَثُلَةً وَنَكَالًا لِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِمْ [أَحَدٌ] (٢) مِنْ

رَعِيَّتِهِ وَأَهْلِ مِلَّتِهِ.

وَلِهَذَا قَالَ: " وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوع النّخل " أَيْ عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ، لِأَنَّهَا أَعْلَى وَأَشْهَرُ " ولتعلمن أَيّنَا أَشد عذَابا وَأبقى " يَعْنِي فِي الدُّنْيَا.

" قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا من الْبَينَات " أَيْ لَنْ نُطِيعَكَ وَنَتْرُكَ مَا وَقَرَ فِي قُلُوبِنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالدَّلَائِلِ الْقَاطِعَاتِ " وَالَّذِي فَطَرَنَا ".

قِيلَ مَعْطُوفٌ، وَقِيلَ قَسَمٌ " فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاض " أَيْ فَافْعَلْ مَا قَدَرْتَ عَلَيْهِ " إِنَّمَا تَقْضِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا " أَيْ إِنَّمَا حُكْمُكَ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَإِذَا انْتَقَلْنَا مِنْهَا إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ صِرْنَا إِلَى حُكْمِ الَّذِي أَسْلَمْنَا لَهُ وَاتَّبَعْنَا رُسُلَهُ " إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ، وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأبقى " أَي ثَوَابه خَيْرٌ مِمَّا وَعَدَتْنَا بِهِ مِنَ التَّقْرِيبِ (٣) وَالتَّرْغِيبِ، " وَأَبْقَى " أَيْ وَأَدْوَمُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْفَانِيَةِ.

وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: " قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لنا رَبنَا خطايانا " أَيْ مَا اجْتَرَمْنَاهُ مِنَ الْمَآثِمِ وَالْمَحَارِمِ " أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ " أَيْ مِنَ الْقِبْطِ، بِمُوسَى وهرون عَلَيْهِمَا السَّلَام.


(١) ا: ليجعلهم.
(٢) سَقَطت من ا.
(٣) ا: التَّرْهِيب.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>