للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غُلَاما، فَألْقى [الله (١) ] عَلَيْهِ مِنْهَا محبَّة لم يلق مِنْهَا عَلَى أَحَدٍ قَطُّ " وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارغًا " من ذكر كل شئ إِلَّا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى.

فَلَمَّا سَمِعَ الذَّبَّاحُونَ بِأَمْرِهِ، أَقْبَلُوا بِشِفَارِهِمْ إِلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ لِيَذْبَحُوهُ.

وَذَلِكَ من الْفُتُون يَابْنَ جُبَيْرٍ! فَقَالَتْ لَهُمْ: أَقِرُّوهُ فَإِنَّ هَذَا الْوَاحِدَ لَا يَزِيدُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، حَتَّى آتِيَ فِرْعَوْن فَأَسْتَوْهبهُ مِنْهُ، فَإِن وهبه منى كُنْتُمْ قَدْ أَحْسَنْتُمْ وَأَجْمَلْتُمْ، وَإِنْ أَمَرَ بِذَبْحِهِ لَمْ أَلُمْكُمْ.

فَأَتَتْ فِرْعَوْنَ فَقَالَتْ: قُرَّةُ عَيْنٍ لي وَلَك " فَقَالَ فِرْعَوْنُ: يَكُونُ لَكِ، فَأَمَّا لِي فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَوْ أقرّ فِرْعَوْن أَن يكون قُرَّة عين لَهُ، كَمَا أقرَّت امْرَأَته لهداه الله كماهداها، وَلَكِن حَرَمَهُ ذَلِكَ ".

فَأَرْسَلَتْ إِلَى مَنْ حَوْلَهَا إِلَى كل امْرَأَة لَهَا لَان تَخْتَارُ لَهُ ظِئْرًا، فَجَعَلَ كُلَّمَا أَخَذَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ لِتُرْضِعَهُ لَمْ يُقْبِلْ عَلَى ثَدْيِهَا، حَتَّى أَشْفَقَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ اللَّبَنِ فَيَمُوتَ، فَأَحْزَنَهَا ذَلِكَ.

فَأَمَرَتْ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى السُّوقِ وَمَجْمَعِ النَّاسِ تَرْجُو أَنْ تَجِدَ لَهُ ظِئْرًا تَأْخُذُهُ مِنْهَا، فَلَمْ يَقْبَلْ.

وَأَصْبَحَتْ أُمُّ مُوسَى وَالِهًا (٢) ، فَقَالَتْ لِأُخْتِهِ: قُصِّي أَثَرَهُ وَاطْلُبِيهِ، هَلْ تَسْمَعِينَ لَهُ ذِكْرًا؟ أَحَيٌّ ابْنِي أَمْ قد أَكَلَتْهُ الدَّوَابُّ؟ وَنَسِيَتْ مَا كَانَ اللَّهُ وَعَدَهَا فِيهِ.

" فبصرت بِهِ " أُخْته " عَن جنب وهم لَا يَشْعُرُونَ " وَالْجنب: أَن يسمو بصر الانسان إِلَى شئ بَعِيدٍ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ لَا يَشْعُرُ بِهِ.

فَقَالَت من الْفَرح


(١) لَيست فِي ا (٢) الواله: الذاهلة الْمُتَحَيِّرَة (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>