للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فِيهِ غيرَة شَدِيدَة فَكَانَ إِذا خرج أغلق الْأَبْوَابُ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَهْلِهِ أَحَدٌ حَتَّى يَرْجِعَ.

قَالَ: فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ وَغُلِّقَتِ الدَّارُ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ تَطَّلِعُ إِلَى الدَّارِ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ وَسَطَ الدَّارِ، فَقَالَتْ لِمَنْ فِي الْبَيْتِ: مِنْ أَيْنَ دَخَلَ هَذَا الرَّجُلُ وَالدَّارُ مُغْلَقَةٌ، وَالله لنفتضحن بِدَاوُد.

فجَاء دَاوُد فَإِذا الرجل قَائِم فِي وَسَطَ الدَّارِ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنا الَّذِي لَا أهاب الْمُلُوك وَلَا أمنع (١) من الْحجاب.

فَقَالَ دَاوُد: أَنْت وَالله إِذن ملك الْمَوْت مرْحَبًا بِأَمْر الله.

ثمَّ مكث حَتَّى قبضت (٢) روحه فَلَمَّا غسل وكفن وَفرغ من شَأْنه طلعت عَلَيْهِ الشَّمْسُ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ لِلطَّيْرِ: أَظِلِّي عَلَى دَاوُد.

فأظلته الطير حَتَّى أظلمت عَلَيْهِ الارض، فَقَالَ سُلَيْمَان للطير: اقبضي جنَاحا.

قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرينا كَيْفَ فَعَلَتِ الطَّيْرُ، وَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ الْمَضْرَحِيَّةُ.

انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ قَوِيٌّ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ الْمَضْرَحِيَّةُ " أَيْ وَغَلَبَتْ عَلَى التَّظْلِيلِ عَلَيْهِ [الْمَضْرَحِيَّةُ وَهِيَ (٣) ] الصُّقُورُ الطِّوَالُ الْأَجْنِحَةِ وَاحِدُهَا مَضْرَحِيٌّ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ

الصَّقْرُ الطَّوِيلُ الْجَنَاحِ.

وَقَالَ السدى عَن أبي مَالك، عَن ابْن مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَاتَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَام فَجْأَة وَكَانَ بسبت، وَكَانَت الطير تظله.

وَقَالَ السدى


(١) ا: وَلَا أمتنع.
(٢) ا: فزمل دَاوُد مَكَانَهُ حَتَّى قبضت نَفسه.
(٣) لَيست فِي ا (٤) من ا (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>