للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ كَثِيرٍ - وَقَالَ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ - أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمْرَ وَهَابِيلَ، وَأَنَّهُ اسْتَحْلَفَ هَابِيلَ أَنَّ هَذَا دَمُهُ فَحَلَفَ لَهُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْمَكَانَ يُسْتَجَابُ عِنْدَهُ الدُّعَاءُ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَصَدَّقَهُ فِي ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: إِنَّهُ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمْرَ يَزُورُونَ هَذَا الْمَكَانَ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ.

وَهَذَا مَنَامٌ لَوْ صَحَّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ كَثِيرٍ هَذَا، لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: " فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيه، قَالَ: يَا ويلتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ، فَأُوَارِيَ سوأة أخى؟ فاصبح من النادمين " ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَهُ حَمَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ سَنَةً، وَقَالَ آخَرُونَ حَمَلَهُ مِائَةَ سَنَةٍ! وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ غُرَابَيْنِ.

قَالَ

السُّدِّيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّحَابَةِ: أَخَوَيْنِ، فَتَقَاتَلَا فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَلَمَّا قَتَلَهُ عَمَدَ إِلَى الارض يحْفر لَهُ فِيهَا ثُمَّ أَلْقَاهُ وَدَفَنَهُ وَوَارَاهُ، فَلَمَّا رَآهُ ينصع ذَلِك قَالَ: يَا ويلتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سوأة أخى؟ فَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْغُرَابُ فَوَارَاهُ وَدَفَنَهُ.

وَذَكَرَ أَهْلُ التَّوَارِيخِ وَالسِّيَرِ أَنَّ آدَمَ حَزِنَ عَلَى ابْنِهِ هَابِيلَ حُزْنًا شَدِيدًا، وَأَنَّهُ قَالَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا، وَهُوَ قَوْلُهُ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ حُمَيْدٍ: تَغَيَّرَتِ اَلْبِلَادُ وَمَنْ عَلَيْهَا * فَوَجْهُ اَلْأَرْضِ مُغْبَرٌّ قَبِيحُ تَغَيَّرَ كل ذى لون وَطعم * وَقَلَّ بَشَاشَةً اَلْوَجْهُ اَلْمَلِيحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>