للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوَانِهِ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَرْزُقَهُ وَلَدًا وَإِنْ كَانَ قَدْ طَعَنَ فِي سِنِّهِ " هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْك ذُرِّيَّة طيبَة إِنَّك سميع الدُّعَاء " وَقَوْلُهُ: " وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عاقرا " قِيلَ الْمُرَادُ بِالْمَوَالِي الْعُصْبَةُ، وَكَأَنَّهُ خَافَ مِنْ تَصَرُّفِهِمْ بَعْدَهُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا لَا يُوَافِقُ شَرْعَ اللَّهِ وَطَاعَتَهُ فَسَأَلَ وُجُودَ وَلَدٍ مِنْ صُلْبِهِ يَكُونُ بَرًّا تَقِيًّا مَرْضِيًّا وَلِهَذَا قَالَ: فَهَب لي من لَدُنْك " أَيْ مِنْ عِنْدِكَ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ " وَلِيًّا يَرِثُنِي " [أَيْ فِي النُّبُوَّةِ وَالْحُكْمِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ (١) ] " وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا " يَعْنِي كَمَا كَانَ آبَاؤُهُ وَأَسْلَافُهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ يَعْقُوبَ أَنْبِيَاءَ فَاجْعَلْهُ مِثْلَهُمْ فِي الْكَرَامَةِ الَّتِي أَكْرَمْتَهُمْ بِهَا مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْوَحْيِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ هَاهُنَا ورائة الْمَالِ كَمَا زَعَمَ ذَلِكَ مَنْ زَعَمَهُ مِنَ الشِّيعَةِ وَوَافَقَهُمُ ابْنُ جَرِيرٍ هَاهُنَا وَحَكَاهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ مِنَ السَّلَفِ، لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: مَا قدمْنَاهُ عِنْد قَوْله تَعَالَى: " وَورث سُلَيْمَان دَاوُد " أَي فِي النُّبُوَّة وَالْملك لما (٢) ذَكَرْنَا فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ المروى فِي الصِّحَاح وَالْمَسَانِيد [وَالسّنَن (١) ] وَغَيْرِهَا مِنْ طُرُقٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ " فَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُورَثُ، وَلِهَذَا مَنَعَ الصّديق

أَن يصرف ماكان يَخْتَصُّ بِهِ فِي حَيَاتِهِ إِلَى أَحَدٍ مِنْ وَرَائه الَّذِينَ لَوْلَا هَذَا النَّصُّ لَصُرَفَ إِلَيْهِمْ، وَهُمُ ابْنَته فَاطِمَة وأزواجه التسع وَعَمه الْعَبَّاس


(١) لَيست فِي ا.
(٢) المطبوعة: كَمَا.
وَمَا أثْبته من ا.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>