للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِهَا دونهم من أجل زَوْجَتَهُ أُخْتُهَا أَوْ خَالَتُهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ.

فَشَاحُّوهُ فِي ذَلِكَ وَطَلَبُوا أَنْ يَقْتَرِعَ مَعَهُمْ، فَسَاعَدَتْهُ الْمَقَادِيرُ فَخَرَجَتْ قُرْعَتُهُ غَالِبَةً [لَهُمْ] (١) وَذَلِكَ أَنَّ الْخَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا " أَيْ بِسَبَبِ غَلَبِهِ لَهُمْ فِي الْقُرْعَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: " ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يختصمون ".

قَالُوا: وَذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ أَلْقَى قَلَمَهُ مَعْرُوفًا بِهِ، ثُمَّ حَمَلُوهَا وَوَضَعُوهَا فِي مَوْضِعٍ وَأَمَرُوا غُلَامًا لَمْ يَبْلُغِ الْحِنْثَ فَأَخْرَجَ وَاحِدًا مِنْهَا وَظَهَرَ قَلَمُ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ.

فَطَلَبُوا أَنْ يَقْتَرِعُوا مَرَّةً ثَانِيَةً وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِأَنْ يُلْقُوا أَقْلَامَهُمْ فِي النَّهْرِ فَأَيُّهُمْ جَرَى قَلَمُهُ عَلَى خِلَافِ جَرْيَةِ الْمَاءِ (٢) فَهُوَ الْغَالِبُ فَفَعَلُوا فَكَانَ قَلَمُ زَكَرِيَّا هُوَ الَّذِي جَرَى عَلَى خِلَافِ جَرْيَةِ الْمَاءِ، وَسَارَتْ أَقْلَامُهُمْ مَعَ الْمَاءِ ثُمَّ طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَقْتَرِعُوا ثَالِثَةً فَأَيهمْ جرى قلمه مَعَ المَاء وَيكون بَقِيَّةُ الْأَقْلَامِ قَدِ انْعَكَسَ سَيْرُهَا صُعُدًا [فَهُوَ الْغَالِبُ فَفَعَلُوا (١) ] فَكَانَ زَكَرِيَّا هُوَ الْغَالِبَ لَهُمْ فَكَفَلَهَا إِذْ كَانَ أَحَقَّ بِهَا شَرْعًا وَقَدَرًا لِوُجُوهٍ عَدِيدَةٍ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ: يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا، قَالَتْ: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاء بِغَيْر حِسَاب " قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: اتَّخَذَ لَهَا زَكَرِيَّا مَكَانًا شَرِيفًا مِنَ الْمَسْجِدِ لَا يَدْخُلُهُ سِوَاهَا، فَكَانَتْ تَعْبُدُ اللَّهَ فِيهِ وَتَقُومُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهَا مِنْ سدانة


(١) : لَيست فِي ا.
(٢) ا: فَأَيهمْ جرى قلمه مَعَ المَاء.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>