وَقَالَ تَعَالَى: " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يشركُونَ " (١) الْآيَاتِ.
فَهَذَا تَنْبِيهٌ أَوَّلًا بِذِكْرِ آدَمَ، ثُمَّ اسْتَطْرَدَ إِلَى الْجِنْسِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار مكين (٢) " وَقَالَ تَعَالَى: " وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رجوما للشياطين (٢) " وَمَعْلُومٌ أَنَّ رُجُومَ الشَّيَاطِينِ لَيْسَتْ هِيَ أَعْيَانَ مَصَابِيحِ السَّمَاءِ، وَإِنَّمَا اسْتَطْرَدَ مِنْ شَخْصِهَا إِلَى جِنْسِهَا.
* * * فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لما وَلَدَتْ حَوَّاءُ طَافَ بِهَا إِبْلِيسُ وَكَانَ لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ، فَقَالَ سَمِّيهِ عَبْدَ الْحَارِثِ فَإِنَّهُ يَعِيشُ.
فَسَمَّتْهُ عَبْدَ الْحَارِثِ فَعَاشَ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ وَحْيِ الشَّيْطَانِ وَأَمْرِهِ ".
وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تفاسيرهم عِنْد هَذِه الْآيَة، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ عبد الصَّمد
ابْن عبد الْوَارِث بِهِ، فَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ
(١) ا: أَرْبَعمِائَة نسمَة (٢) سُورَة الْمُؤْمِنُونَ ١٣ (٣) سُورَة الْملك ٦ (*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute