للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَقُولُونَ: أَنْتَ كُنْتَ تُحْيِي الْمَوْتَى وَتَنْتَهِرُ الشَّيْطَانَ وَتُبْرِئُ الْمَجْنُونَ، أَفَلَا تُنَجِّي نَفْسَكَ مِنْ هَذَا الْحَبْلِ؟ ! وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ وَيُلْقُونَ عَلَيْهِ الشَّوْكَ حَتَّى أَتَوْا بِهِ الْخَشَبَةَ الَّتِي أَرَادُوا أَنْ يَصْلُبُوهُ عَلَيْهَا فَرَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَصَلَبُوا مَا شُبِّهَ لَهُمْ فَمَكَثَ سَبْعًا.

ثُمَّ إِنْ أُمَّهُ وَالْمَرْأَةَ الَّتِي كَانَ يُدَاوِيهَا عِيسَى فَأَبْرَأَهَا اللَّهُ مِنَ الْجُنُونِ جَاءَتَا تَبْكِيَانِ حَيْثُ كَانَ الْمَصْلُوبُ، فَجَاءَهُمَا عِيسَى فَقَالَ: عَلَامَ تَبْكِيَانِ؟ قَالَتَا عَلَيْكَ.

فَقَالَ: إِنِّي قَدْ رَفَعَنِي اللَّهُ إِلَيْهِ وَلَمْ يُصِبْنِي إِلَّا خير، وَإِن هَذَا شئ شُبِّهَ لَهُمْ.

فَأْمُرَا الْحَوَارِيِّينَ أَنْ يَلْقَوْنِي إِلَى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا.

فَلَقَوْهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ أَحَدَ عَشَرَ وَفَقَدَ الَّذِي كَانَ بَاعَهُ وَدَلَّ عَلَيْهِ الْيَهُودَ، فَسَأَلَ عَنْهُ أَصْحَابَهُ فَقَالُوا إِنَّهُ نَدِمَ عَلَى مَا صَنَعَ فَاخْتَنَقَ وَقَتَلَ نَفْسَهُ.

فَقَالَ: لَوْ تَابَ لَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ.

ثُمَّ سَأَلَهُمْ عَن غُلَام [كَانَ] (١) يتبعهُم يُقَال لَهُ يحيى فَقَالَ: هُوَ مَعَكُمْ فَانْطَلِقُوا فَإِنَّهُ سَيُصْبِحُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ يُحَدِّثُ بِلُغَةِ قَوْمٍ فَلْيُنْذِرْهُمْ وَلْيَدْعُهُمْ.

وَهَذَا إِسْنَادٌ غَرِيبٌ عَجِيبٌ، وَهُوَ أَصَحُّ مِمَّا ذَكَرَهُ النَّصَارَى لَعَنَهُمُ اللَّهُ

مِنْ أَنَّ الْمَسِيحَ جَاءَ إِلَى مَرْيَمَ وَهِيَ جَالِسَةٌ تَبْكِي عِنْدَ جِذْعِهِ فَأَرَاهَا مَكَانَ الْمَسَامِيرِ مِنْ جَسَدِهِ، وَأَخْبَرَهَا أَنَّ رُوحَهُ رُفِعَتْ وَأَنَّ جَسَدَهُ صُلِبَ.

وَهَذَا بُهْتٌ وَكَذِبٌ وَاخْتِلَاقٌ وَتَحْرِيفٌ وَتَبْدِيلٌ وَزِيَادَةٌ بَاطِلَةٌ فِي الانجيل على خلاف الْحق وَمُقْتَضى الدَّلِيل (٢) .

وَحَكَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ حبيب، فِيمَا بلغه،


(١) من ا.
(٢) المطبوعة: وَمُقْتَضى النَّقْل (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>