الشَّيْخِ أَهْوَى الْفَتَى بِالْعَصَى، وَخَشِيَ أَنْ يَسْبِقَهُ إِلَى الشَّيْخِ، فَيَلْسَعَهُ، فَضَرَبَهُ فَأَخْطَأَهُ، فَفَزِعَ الشَّيْخُ، فَقَالَ: مَهْ، قَالَ: الشُّجَاعُ دَخَلَ تَحْتَكَ، قَالَ: فَإِنَّهُ اسْتَجَارَ بِي، فَقَدْ أَجَرْتُهُ، قَالَ: فَخَرَجَ الشُّجَاعُ حَتَّى رَجَعَ مِنْ حَيْثُ بَدَأَ، فَقَالَ: ارْقُدُوا، فَقَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى الْمَاءِ، فَمَا اسْتَيْقَظُوا إِلَّا بِالشَّمْسِ قَدْ طَلَعَتْ، فَقَامُوا، فَأَخَذَ كُلُّ إِنْسَانٍ بِخِطَامِ رَاحِلَتِهِ يَطْلُبُونَ الْمَاءَ، فَإِذَا هُمْ عَلَى ضَلَالٍ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الشُّجَاعَ نَادَاهُمْ مِنَ الْجَبَلِ، فَقَالَ:
يَا أَيُّهَا الرَّكْبُ لَا مَاءٌ أَمَامَكُمُ ... حَتَّى تَسُومُوا الْمَطَايَا يَوْمَهَا الدَّأَبَا
ثُمَّ أَسْنِدُوا يَمْنَةً فَالْمَاءُ عَنْ كَثَبٍ عَيْنٌ رُوَاءٌ وَمَاءٌ يُذْهِبُ اللَّغَبَا قَالَ: فَأَسْنَدُوا، فَإِذَا عَيْنٌ رَاكِدَةٌ، فَشَرِبُوا وَاسْتَقَوْا وَسَقَوْا إِبِلَهُمْ، وَصَدَرُوا، فَلَمَّا رَجَعُوا وَكَانُوا بِأَدْنَى الْجَبَلِ، قَالُوا: يَا أَبَا حَرِيمٍ، لَوِ اسْتَعْذَبْنَا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، وَأَسْنَدُوا إِلَى الْجَبَلِ، فَطَلَبُوا الْمَاءَ، فَإِذَا هُمْ عَلَى ضَلَالٍ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الشُّجَاعَ، نَادَاهُمْ مِنَ الْجَبَلِ:
يَا مَالُ عَنِّي جَزَاكَ اللَّهُ صَالِحَةً ... هَذَا وَدَاعٌ لَكُمْ مِنِّي وَتَسْلِيمُ
لَا تَزْهَدَنْ فِي اصْطِنَاعِ الْعُرْفِ مِنْ أَحَدٍ ... إِنَّ الَّذِي يُحْرَمُ الْمَعْرُوفَ مَحْرُومُ
أَنَا الشُّجَاعُ الَّذِي أُنْجِيتُ مِنْ رَهَقٍ ... شَكَرْتُ ذَلِكَ أَنَّ الشُّكْرَ مَقْسُومُ
مَنْ يَفْعَلِ الْخَيْرَ لَا يُعْدَمْ مَغَبَّتَهُ ... مَا عَاشَ وَالشَّرُّ مِنْهُ الْغِبُّ مَذْمُومُ
"
٤٤٩ - قال أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ: وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، قثنا الْحَسَنُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: " خَرَجَ عُبْيَدُ بْنُ الأَبْرَصِ فِي بَعْضِ أُمُورِهِ، وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ، فَإِذَا هُوَ بِشُجَاعٍ يَتَقَلَّبُ فِي الرَّمْضَاءِ، فَقَالُوا: يَا عُبَيْدُ، دُونَكَ الشُّجَاعُ، فَاقْتُلْهُ، قَالَ: هُوَ أَنْ أَسْقِيَهُ مِنَ الْمَاءِ أَحْوَجُ.
قَالُوا: يَا عُبَيْدُ، دُونَكَ الشُّجَاعُ، فَاقْتُلْهُ، وَإِلَّا قَتَلْنَاهُ، قَالَ: سَأَكْفِيكُمُوهُ، فَأَخَذَ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ كَانَتْ مَعَهُ، فَصَبَّ لَهُ، فَشَرِبَ، ثُمَّ أَخَذَ فَضْلَهَا، فَصَبَّهُ عَلَى رَأْسِهِ وَمَضَى، فَلَمَّا قَضَى سَفَرَهُ ضَلَّ بِهِ بَكْرُهُ، فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ بِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute