رَأَى ذَلِكَ الْمُسْلِمُ فِي مَنَامِهِ كَأَنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ، وَاللِّوَاءَ عَلَى رَأْسِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا قَصْرٌ مِنَ الزُّمُرُّدِ الْأَخْضَرِ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ مُوَحِّدٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَا مُسْلِمٌ مُوَحِّدٌ، فَقَالَ: أَقِمْ عِنْدِي الْبَيِّنَةَ بِأَنَّكَ مُسْلِمٌ مُوَحِّدٌ، فَتَحَيَّرَ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ: لَمَّا قَصَدَتْكَ الْعَلَوِيَّةُ، قُلْتَ لَهَا: أَقِيمِي عِنْدِي الْبَيِّنَةَ، فَكَذَا أَنْتَ أَقِمْ عِنْدِي الْبَيِّنَةَ، فَانْتَبَهَ يَبْكِي وَيَلْطُمُ، وَخَرَجَ يَطُوفُ الْبَلَدَ عَلَى الْمَرْأَةِ حَتَّى عَرَفَ أَيْنَ هِيَ، فَأَتَى الْمَجُوسِيَّ، فَقَالَ: أُرِيدُ الْعَلَوِيَّةَ، فَقَالَ لَهُ: مَا إِلَى هَذَا سَبِيلٌ، قَالَ: خُذْ مِنِّي أَلْفَ دِينَارٍ وَسَلِّمْهُمْ إِلَيَّ، قَالَ: مَا أَفْعَلُ، قَدِ اسْتَضَافُونِي وَلَحِقَنِي مِنْ بَرَكَاتِهِمْ، قَالَ: لَابُدَّ مِنْهُمْ، قَالَ: الَّذِي تَطْلُبُهُ أَنْتَ أَنَا أَحَقُّ بِهِ، وَالْقَصْرُ الَّذِي رَأَيْتَهُ لِي خُلِقَ أَتَدُلَّ عَلَيَّ بِإِسْلَامِكَ، وَاللَّهِ مَا نِمْتُ، وَلَا أَهْلُ دَارِي، حَتَّى أَسْلَمْنَا عَلَى يَدِ الْعَلَوِيَّةِ، وَرَأَيْتُ مِثْلَ مَنَامِكَ الَّذِي رَأَيْتَ، وَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْعَلَوِيَّةُ وَبَنَاتُهَا عِنْدَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَالَ: الْقَصْرُ لَكَ وَلِأَهْلِ دَارِكَ , وَأَنْتَ وَأَهْلُ دَارِكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، خَلَقَكَ اللَّهُ مُؤْمِنًا فِي الأَزَلِ.
- ٤٥٣ أنبأنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْرَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْفَتوتي، قَالَ: " رَكِبَ حَامِدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قِبَلَ الْوَزَارَةِ وَهُوَ عَامِلٌ بِوَاسِطٍ إِلَى بُسْتَانٍ لَهُ، فَرَأَى فِي طَرِيقِهِ شَيْخًا مَطْرُوحًا عَلَى الطَّرِيقِ يَبْكِي وَيُوَلْوِلُ، وَحَوْلَهُ نِسَاءٌ، وَصِبْيَانٌ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ فِي الرَّمَادِ مَطْرُوحِينَ، فَوَقَفَ وَسَأَلَ عَنِ الْخَبَرِ، فَأُشِيرَ لَهُ إِلَى دَارٍ مُحْتَرِقَةٍ، وَقِيلَ: هِيَ دَارُ الشَّيْخِ، احْتَرَقَتِ الْبَارِحَةَ، فَافْتَقَرَ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ، وَكَانَ تَاجِرًا، فَوَجَمَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: فُلَانٌ الْوَكِيلُ، فَجَاءَ، فَقَالَ لَهُ: أُرِيدُ أَنْ أَنْدُبَكَ لِشَيْءٍ إِنْ فَعَلْتَهُ كَمَا أُرِيدُ فَعَلْتُ بِكَ، وَذَكَرَ جَمِيلًا، وَإِنْ تَجَاوَزْتَ فِيهِ رَسْمِي فَعَلْتُ بِكَ، وَذَكَرَ قَبِيحًا، فَقَالَ: مُرْ بِأَمْرِكَ.
قَالَ: قَدْ تَرَى حَالَ هَذَا الشَّيْخِ وَقَدْ آلَمَنِي قَلْبِي لَهُ، وَأَرَدْتُ الرُّكُوبَ لِلتَّنَزُّهِ، فَقَدْ تَنَغَّصَ عَلَيَّ بِسَبَبِهِ، وَمَا تَسْمَحُ نَفْسِي بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهَا حَتَّى تَضْمَنَ لِي أَنِّي إِذَا عُدْتُ الْعَشِيَّةَ مِنَ النُّزْهَةِ، وَجَدْتُ الشَّيْخَ فِي دَارِهِ كَمَا كَانَتْ مَبْنِيَّةً مُجَصَّصَةً، وَفِيهَا قُمَاشٌ وَصُفْرٌ وَمَتَاعٌ مِثْلُ مَا كَانَ فِيهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute