للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أن ابن الخشاب قال في نهاية القصيدة:

فَمَا أَنْتَ عِلْمٌ بِالأُمُورِ وَإِنَّمَا ... قُصَارَاكَ أَنْ تَرْوِي كَلَامًا مُنَظَّمَا

والقاضي الفاضل أمره مشهور بالشعر والنثر والكتابة.

وإن اعترض أحدهم بأن ابن الخشاب كان في بغداد والقاضي الفاضل كان في مصر والشام، فالجواب عنه ما يُفهم من نقل الذهبي في تاريخ الإسلام، قال في الموضع الأول (١): "وقال ضياء الدين ابن أَبِي الحجاج الكاتب عَنْهُ: كنتُ في مجلس القاضي الفاضل، فدخل فرُّوخ شاه، فجرى ذكر شرح بيت من ديوان المتنبي، فذكرت شيئًا فأعجبه، فسأل القاضي عنه، فقال: هذا العلامة تاج الدين الكندي ... ".

ثم قال بعده بقليل (٢): "وحكى ابن خَلِّكان أَنَّ الكِندي قَالَ: كنتُ قاعدًا عَلَى باب أَبِي محمد ابن الخَشَّاب النَّحْوِيّ؛ وقد خرجَ من عنده أَبُو الْقَاسِم الزَّمخشري ... ".

ومن هذين الموضعين يمكن أن نفهم أن القاضي الفاضل وابن الخشاب كانا في فترة من الفترات في مكان واحد.

ومهما يكن من أمر فإن القول الذي يذهب إلى أن القصيدة موجهة لابن الأنباري وإن كان اسمه عبد الرحمن لا عبد الرحيم أقوى، ويمكن الإجابة عن الاعتراض بأن اسم أبي البركات عبد الرحمن لا عبد الرحيم:

أولًا: قد يكون ابن الخشاب قصَد تحقير ابن الأنباري إذ إنه تلاعب في اسمه وغيّره، وأيضًا قد يكون تغيير الاسم من باب ضرورة النظم، وهذا شيء معروف.

ثانيًا: مما يرويه ياقوت في معجم الأدباء قال: "ومنها أنه لما صنف الكمال عبد الرحمن بن الأنباري كتاب الميزان في النحو، وعُرض على ابن الخشاب، قال: احملوا هذا


(١) انظر: تاريخ الإسلام ١٣\ ٣٦٤.
(٢) انظر: تاريخ الإسلام ١٣\ ٣٦٤.

<<  <   >  >>