للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الكفار على دين المسلمين ويطيعونهم ويوالونهم أعظم بكثير من طاعة الله ورسوله وموالاة المؤمنين ... وكذلك الأكابر من وزرائهم وغيرهم يجعلون دين الإسلام كدين اليهود والنصارى، وأن هذه كلها طرق إلى الله بمنزلة المذاهب الأربعة عند المسلمين، ثم منهم من يرجح دين اليهود أو دين النصارى، ومنهم من يرجح دين المسلمين، وهذا القول فاش غالب فيهم حتى في فقهائهم وعبّادهم، لاسيما الجهمية من الاتحادية الفرعونية ونحوهم، فإنه غلبت عليهم الفلسفة، وهذا مذهب كثير من المتفلسفة أو أكثرهم". (١)

ويقول رحمه الله: " وهذا من جنس جهال التتر أول ما أسلموا، فإن الإسلام عندهم خير من غيره، وإن كان غيره جائزاً ". (٢)

ثم دبَّت الحياة من جديد في فكرة وحدة الأديان على أيدي البهائية الباطنية، ثم جمال الدين الأفغاني ومدرسته العقلانية، فقد أسس محمد عبده، والقس الإنجليزي إسحاق تيلور، وجمال رامز بك (قاضي بيروت)، بمشاركة نفر من الإيرانيين، أسسوا جمعية سرية للتقريب بين الأديان في بيروت، وذلك عام (١٣٠١هـ/ ١٨٨٣م).

يقول الأفغاني في الأعمال الكاملة: " هكذا نجد الأديان الثلاثة: الموسوية والعيسوية والمحمدية على تمام الاتفاق في المبدأ والغاية .. لقد لاح لي بارق أمل كبير: أن تتحد أهل الأديان الثلاثة مثل ما اتحدت الأديان في جوهرها وأصلها وغايتها".

ثم يشنع الأفغاني على الذين يصرون على اختلاف الأديان الذين أسماهم: "المزاربة الذين جعلوا كل فرقة بمنزلة حانوت، وكل طائفة كمنجم من مناجم الذهب والفضة، ورأس مال تلك التجارات ما أحدثوه من الاختلافات الدينية والطائفية والمذهبية". (٣)


(١) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٥٢٣).
(٢) الرد على المنطقيين (٢٨٢).
(٣) دعوة التقريب بين الأديان (١/ ٣٩٨ - ٣٩٩).

<<  <   >  >>