للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[خاتمة]

وبعد، فإن من دواعي سرور العقلاء تنامي الدعوة إلى الحوار في أوساط مختلفة من عالمنا الذي ضاقت شعوبه ذرعاً بحوار البندقية، ورأت أن الحوار الحضاري والثقافي يقدم بديلاً مناسباً لحل الخلافات المختلفة التي تنشأ بين الأمم والحضارات المختلفة.

فالحوار الحضاري هو الطريق الأفضل لفهم الآخر والتعرف على رؤاه ومقاصده، بعيداً عن الأحكام المسبقة التي تحمل في طياتها ركام أخطاء التجارب السابقة التي تدفع إلى مزيد من الشقاق والاختلاف، وتولد المزيد من الإحباط، وما يستتبعه من ويلات الحروب والمظالم.

وقد رأينا سبق الإسلام - ومنذ انبثاق فجره الميمون - إلى اعتماد الحوار وسيلة حضارية في التفاعل مع الآخرين، وقد قعّد له قواعده، ورسم له حدوده وضوابطه، ومنع من كل ما من شأنه تهميش هذه الوسيلة الدعوية أو التقليل من حيويتها ونفعها.

ودعاة الإسلام ومؤسسات المجتمع المسلم مطالبة اليوم باستعادة دورها الحضاري، والمبادرة إلى طلب الحوار وعقد ندواته وإشاعة أدبياته، والتصدي للنظريات المتصاعدة التي تدعو للصراع، وتطالب بالحسم قبل بداية دراما نهاية الزمن.

ورابطة العالم الإسلامي إذ تقدم هذه الدراسة، فإنما تؤكد حرص شعوب العالم الإسلامي على إرساء قواعد الحوار وآدابه وتخليصه من شوائبه ومكدراته، وهي تدفع بها مع انطلاقة منتداها العالمي للحوار بين أبناء الأديان والحضارات المختلفة.

والله نسأل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجنبنا الزلل، إنه ولي ذلك، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <   >  >>