للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القوم: هذا عدي بن حاتم. وجئتُ بغير أمان ولا كتاب، فلما دُفعتُ إليه أخذ بيدي .. حتى أتى بي داره، فألقت له الوليدة وسادة، فجلس عليها ". (١)

ولما قدم عكرمة بن أبي جهل على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: ((مرحباً بالراكب المهاجر) وفي رواية الطبراني: فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - قام إليه، فاعتنقه، وقال: ((مرحباً بالراكب المهاجر)). (٢)

ومن قبل أحسن النبي - صلى الله عليه وسلم - معاملة أبيه على طغيانه وكفره، يقول المغيرة بن شعبة: إن أول يوم عرفت فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني كنت أمشي مع أبي جهل بمكة، فلقينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: ((يا أبا الحكم، هلم إلى الله وإلى رسوله وإلى كتابه، أدعوك إلى الله)). (٣) فناداه - صلى الله عليه وسلم - بأحب الأسماء إليه تألفاً لقلبه.

ومن المداراة وحسن التعامل مع الآخر صنيع مؤمن آل فرعون مع قومه، فقد كان يقول لهم مع كل نصيحة: {يا قوم} (غافر: ٣٠، ٣٢، ٣٨، ٣٩، ٤١). يتألفهم بذلك. قال القرطبي: "فقال: {يا قوم} ليكونوا أقرب إلى قبول وعظه". (٤)

فالمحاور المسلم يتأدب بالرفق واللطف والمدارة، إذ الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه.

٦. التنزل مع الخصم في الحوار ومجادلته بالحجج القريبة إليه

قال تعالى: {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} (سبأ: ٢٤) قال القرطبي: "هذا على وجه الإنصاف في الحجة كما يقول القائل: أحدنا كاذب، وهو يعلم أنه صادق وأن صاحبه كاذب، والمعنى: ما نحن وأنتم على


(١) رواه الترمذي ح (٢٩٥٤)، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ح (٢٣٥٣).
(٢) رواه الترمذي ح (٢٧٣٥)، الحاكم في المستدرك ح (٥٠٥٩)، والطبراني في الكبير ح (١٠٢١)، وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي ح (٥١٨).
(٣) رواه ابن أبي شيبة في المصنف ح (٣٥٨٢٩)، والبيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٢٦٧).
(٤) الجامع لأحكام القرآن (١٥/ ٣١٠).

<<  <   >  >>