للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكنا نلفت النظر إلى أن الحوار الذي تشير إليه الكنيسة ليس الحوار الذي تديره المؤسسات العلمية والثقافية التي لا يمكن التأثير عليها، فمثل هؤلاء الحوار معهم محبذ ومحمود، لكن الحوار الذي تنشده الكنيسة وتمارسه حقيقة في كثير من المواطن هو الحوار مع دهماء المسلمين وعامتهم، وهو ما قد ينجح فيه التبشير ويحقق ما يحذره المتشككون والرافضون لمشروع الحوار.

كما يحجم المتشككون في مصداقية جولات الحوار السابقة عن المشاركة في جولاته اللاحقة لما يرونه من مشاركة بعض الأطراف الإسلامية التي لا يخلو منهجها من دخن كالعصرانيين وغيرهم ممن لا يعبرون عن الموقف الإسلامي الأصيل في قضايا الحوار، ولعل من أهم أسباب اتساع هذه المثلبة تباعد الغيورين عن هذا الميدان الذي تضمن مشاركتهم فيه ظهور الموقف الإسلامي الناصع المبني على هدي الكتاب والسنة.

وينقل الدكتور أحمد سيف التركستاني بعض حجج المانعين من الحوار، إذ يرون "أن الحوار يقود إلى الفتنة والصدام"، وقاعدة سد الذرائع - حسب رأيهم - تبرر الإعراض عن المشاركة في الحوار، وهذه الحجة يراها الدكتور التركستاني نوعاً من تغييب الحقيقة، ويرى أن تجاوزها ممكن، إذا أخذنا "بشروط الحوار الصحيح الخالي من الجدل العقيم أو غير الملتزم بآداب الحوار". (١)

كما يحجم البعض عن المشاركة في الحوار لأنه "يعطي الفرصة لتلميع الآراء الباطلة" وهذا تعميم لا يوافق عليه الدكتور التركستاني، إذ يرى "الغالب أن الآراء الباطلة إنما تكتسب بريقها إذا انفردت بالأجواء والأضواء، بعيداً عن الاعتراض عليها والتصدي لها بالحوار"، ويصل إلى نتيجة مفادها أن "الحوار يعطي الفرصة لتوهين الآراء الباطلة وخفض درجة توهجها وبريقها، وذلك بما يكشفه من الحق المناقض لها ومن الباطل المنطوي فيها". (٢)


(١) مشروعية حوار الأديان (١٧).
(٢) مشروعية حوار الأديان (١٧ - ١٨).

<<  <   >  >>