للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحساب الأرباح والخسائر يعاود مع كل صلاة .. بل إن البعض يسافر ويعود وهو يقف أمام الله -جل وعلا- ولو كان هذا الوقوف بين يدي مسئول لوجدت قوة التركيز وشدة الإنصات، فلا تفوته كلمة ولا تغيب عنه شاردة ولا واردة أما في الصلاة فلا يوجد من يؤديها على وجهها الصحيح بدون وساوس وخواطر إلا من رحم ربي وقليل ما هم.

أخي: إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمل الله سبحانه حوائجه كلها، وحمل عنه كل ما أهمه، وفرغ قلبه لمحبته، ولسانه لذكره، وجوارحه لطاعته، وإن أصبح وأمسى والدنيا همه، حمله الله همومها وغمومها، وأنكادها، ووكله إلى نفسه، فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق، ولسانه عن ذكره بذكرهم، وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم فهو يكدح كدح الوحش في خدمة غيره (١).

قال أبو عبد الرحمن الأيدي: قلت لسعيد بن عبد العزيز: ما هذا البكاء الذي يعرض لك في الصلاة؟ فقال: يا ابن أخي، وما سؤالك عن ذلك؟ قلت: لعل الله أن ينفعني به، فقال: ما قمت إلى صلاة إلا مثلت لي جهنم (٢).

ولهذا كان عاصم بن أبي النجود إذا صلى ينتصب كأنه عود،


(١) الفوائد ١١٠.
(٢) السير ٥/ ٢٥٩.

<<  <   >  >>