للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-رحمه الله- وكان له كل يوم كر (١) دقيق يتصدق به فلما وقع الغلاء، تصدق بكرين.

ولم يكن يشغلهم عن الصلاة شاغل، ولم يكن بينهم وبين الله حائل، فالانتباه مقتصر على الصلاة والخشوع لله.

فقد صلى أبو عبد الله النباحي يومًا بأهل طرسوس، فصيح بالنفير، فلم يخفف لصلاة فلما فرغوا قالوا: أنت جاسوس، قال: ولم؟ قالوا: صيح بالنفير وأنت في الصلاة فلم تخفف، قال: ما حسبت أن أحدًا يكون في الصلاة فيقع في سمعه غير ما يخاطبه به الله -عز وجل- (٢).

وهم كما قال عنهم العلامة ابن رجب في كتابه لطائف المعارف: لما سمع القوم قول الله عز وجل {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وقوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} فهموا أن المراد من ذلك أن يجتهد كل واحد منهم أن يكون هو السابق لغيره إلى هذه الكرامة، والمسارع إلى بلوغ هذه الدرجة العالية، فكان أحدهم إذا رأى من يعمل عملاً يعجز عنه خشي أن يكون صاحب ذلك العمل هو السابق له فيحزن لفوات سبقه، فكان تنافسهم في درجات الآخرة واستباقهم إليها، ثم جاء من بعدهم قوم فعكسوا الأمر فصار تنافسهم في الدنيا الدنيئة


(١) الكر: يشبع خمسة آلاف إنسان.
(٢) صفة الصفوة ٤/ ٢٧٩.

<<  <   >  >>