ويقيم الإسلام المجتمع على أساس الحرية في أوسع معانيها، وأروع مظاهرها، فحرية الاعتقاد، وحرية التفكير، وحرية القول، كل ذلك وغيره يقرره الإسلام ويجعله عمدًا للمجتمع الإسلامي، وَأُسُسًا لحياة الأمة الإسلامية.
يقرر الإسلام حرية الاعتقاد، ويجعل لكل إنسان أن يعتنق من العقائد ما شاء، وليس لأحد أن يحمله على ترك عقيدته، أو اعتناق عقيدة غيرها، ولو كانت هذه هي العقيدة الإسلامية، وذلك ظاهر من قوله تعالى:{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}[البقرة: ٢٥٦]. وقوله:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}[يونس: ٩٩]. وقوله:{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}[الغاشية: ٢١، ٢٢]. وقوله:{وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ}[النور: ٥٤].
ويقرر الإسلام حرية الفكر، ويحث الناس على التفكير في كل شيء، ولقد قامت الدعوة الإسلامية نفسها على أساس العقل والتفكير، واعتمد القرآن في اجتذاب الناس للإسلام على استثارة تفكيرهم، وإيقاظ عقولهم، ودعوتهم إلى التفكير في خلق السماوات والأرض، وفي خلق أنفسهم، وإلى التفكير فيما حولهم مما تقع عليه أبصارهم، أو تسمعه آذانهم، ليصلوا من وراء ذلك كله إلى معرفة الخالق، وليستطيعوا أن يميزوا بين الحق والباطل.