للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أنهم أخذوا بطريقة الشريعة الإسلامية لضمنوا تحقيق ما شاءوا من مبادئ ولمنعوا من وقوع هذه المساوئ.

كَيْفَ تَخَطَّتْ الشَّرِيعَةُ هَذِهِ العَقَبَةَ؟

إن الشريعة الإسلامية شريعة أساسها الإسلام، فهي بطبيعتها شريعة دينية، ومن قواعدها الأولية أنها تسري على المسلمين وغير المسلمين ممن يتوطنون دار الإسلام، وهؤلاء يسمون اصطلاحًا بالذميين، ومن أهم المبادئ التي جاءت بها الشريعة مبدأ المساواة ومبدأ حرية العقيدة، وظاهر من الجمع بين هذه المبادئ أن الشريعة تعرضت لنفس المشكلة التي قوضت القانون الوضعي، فماذا يا ترى فعلت الشريعة؟ إنها وضعت للمشكلة أبدع حل وأبسطه أنها سَوَّتْ بين المسلمين والذميين فيما هم فيه متساوون، وخالفت بينهم فيما هم فيه مختلفون.

ولا يختلف الذميون عن المسلمين إلا فيما يتعلق بالعقيدة، ولذلك كان كل ما يتعلق بالعقيدة لا مساواة فيه، والواقع أنه إذا كانت المساواة بين متساويين عَدْلاً خَالِصًا فإن المساواة بين المتخالفين ظلم واضح، ولا يمكن أن يعتبر هذا استثناء من قاعدة المساواة التي أخذت بها الشريعة نفسها، بل هو تأكيد للمساواة إذ المساواة لم يقصد بها إلا تحقيق العدالة، ولا يمكن أن تتحقق العدالة إذا سوي بين المسلمين والذميين فيما يتصل بالعقيدة الدينية، لأن معنى ذلك هو حمل المسلمين على ما يتفق مع عقيدتهم، وحمل الذميين على ما يختلف مع

<<  <   >  >>