الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ إِلَى هَذَا الْحَوْضِ الْكَبِيرِ الَّذِي عَلَيْهِ الْقُبَّةُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَحَوْلَ هَذَا الْحَوْضِ اثْنَتَا عَشْرَةَ أُسْطُوَانَةَ سَاجٍ، طُولُ كُلِّ أُسْطُوَانَةٍ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ، وَمَا بَيْنَ حَدِّ الْأَسَاطِينِ وَوَجْهِ زَمْزَمَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، وَفَوْقَ الْأَسَاطِينِ حُجْرَةُ سَاجٍ طُولُهَا فِي السَّمَاءِ ذِرَاعَانِ، وَعَلَى الْحُجْرَةِ قُبَّةُ سَاجٍ خَارِجُهَا أَخْضَرُ، وَدَاخِلُهَا أَصْفَرُ، طُولُ الْقُبَّةِ مِنْ وَسَطِهَا مِنْ دَاخِلٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، وَكَانَتْ هَذِهِ الْقُبَّةُ عَمِلَهَا الْمَهْدِيُّ فِي خِلَافَتِهِ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ، عَمِلَهَا أَبُو بَحْرٍ الْمَجُوسِيُّ النَّجَّارُ، الَّذِي كَانَ جَاءَ بِهِ عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مِنَ الْعِرَاقِ يَعْمَلُ أَبْوَابَ دَارِهِ الَّتِي عَلَى الْمَرْوَةِ يُقَالُ لَهَا دَارُ مَخْرَمَةَ، وَيَعْمَلُ سُقُوفَهَا فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَمِائَةٍ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ جَدِّي، وَكَانَتْ تُزَوَّقُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، حَتَّى أَمَرَ بِهَا عُمَرُ بْنُ الْفَرَجِ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، فَجَعَلَ عَلَيْهَا الْفُسَيْفِسَاءَ، فَثَقُلَتْ وَدُقَّتْ أَسَاطِينُهَا السَّاجُ عَنْهَا، فَقَلَعَهَا مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ فِي سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، نَزَعَ أُسْطُوَانَةً أُسْطُوَانَةً، وَيَدْعَمُ مَا فَوْقَهَا، فَبُدِّلَتْ أَسَاطِينَ جِلَالًا، أَجَلَّ مِنَ الْأَسَاطِينِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا مِنْ سَاجٍ، وَجَعَلَ الْأَسَاطِينَ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ، دَفَنَهَا حَتَّى لَا يَأْكُلَ الْمَاءُ الْخَشَبَ إِذَا دُفِنَ فِي الْأَرْضِ، وَسَكَبَ بَيْنَ الْخَشَبِ وَبَيْنَ الْحِجَارَةِ الرَّصَاصَ، وَفِي جَدْرِ الْحَوْضِ الَّذِي عَلَيْهِ الْقُبَّةُ حَجَرٌ بِحِيَالِ السِّقَايَةِ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فِيهِ قَنَاةٌ مِنْ رَصَاصٍ إِلَى الْحَوْضِ الدَّاخِلِ فِي السِّقَايَةِ، يُصَبُّ فِيهِ النَّبِيذُ إِلَى الْحَوْضِ الَّذِي فِيهِ الْقُبَّةُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَأَيَّامَ الْحَجِّ، وَبَيْنَ الْحَوْضَيْنِ سِتَّةُ أَذْرُعٍ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ: فَلَمَّا كَانَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ فِي خِلَافَةِ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ، قَدِمَ خَادِمٌ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ يُقَالُ لَهُ بُسْرٌ، فَغَيَّرَ أَرْضَ هَذِهِ الْقُبَّةِ، نَقَضَ رُخَامَهَا، ثُمَّ كَبَسَهَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَرْضُهَا، وَجَعَلَ فِيهَا بِرْكَةً صَغِيرَةً يَخْرُجُ فِيهَا الْمَاءُ مِنَ الْفَوَّارَةِ الَّتِي فِي بَطْنِهَا، وَجَعَلَ عَلَيْهَا شُبَّاكًا مِنْ خَشَبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute