رَبْعُ آلِ الْأَزْرَقِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شَمِرٍ الْغَسَّانِيِّ حَلِيفِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ دَارُ الْأَزْرَقِ دَخَلَتْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، كَانَتْ إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ، جَدْرُهَا وَجَدْرُ الْمَسْجِدِ وَاحِدٌ، وَكَانَ وَجْهُهَا شَارِعًا عَلَى بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، إِذْ كَانَ الْمَسْجِدُ مُتَقَدِّمًا لَاصِقًا بِالْكَعْبَةِ، وَكَانَتْ عَلَى يَسَارِ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِجَنْبِ دَارِ خَيْرَةَ بِنْتِ سِبَاعٍ الْخُزَاعِيَّةِ، دَارُ خَيْرَةَ فِي ظَهْرِهَا، وَكَانَ عُقْبَةُ بْنُ الْأَزْرَقِ يَضَعُ عَلَى جَدْرِهَا مِمَّا يَلِي الْكَعْبَةَ مِصْبَاحًا عَظِيمًا، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَصْبَحَ لِأَهْلِ الطَّوَافِ حَتَّى اسْتُخْلِفَ مُعَاوِيَةُ، فَأَجْرَى لِلْمَسْجِدِ قَنَادِيلَ وَزَيْتًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَكَانُوا يُثْقَبُونَ تَحْتَ الظِّلَالِ، وَهَذَا الْمِصْبَاحُ يُضِيءُ لِأَهْلِ الطَّوَافِ، فَلَمْ يَزَالُوا يَسْتَصْبِحُونَ فِيهِ لِأَهْلِ الطَّوَافِ حَتَّى وَلِيَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَكَانَ قَدْ وَضَعَ مِصْبَاحَ زَمْزَمَ الَّذِي مُقَابِلَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ وَضَعَهُ، فَلَمَّا وَضَعَهُ مَنَعَ آلَ عُقْبَةَ بْنِ الْأَزْرَقِ أَنْ يُصْبِحُوا عَلَى دَارِهِمْ، فَنَزَعَ ذَلِكَ الْمِصْبَاحَ، فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الدَّارُ بِأَيْدِيهِمْ، وَهِيَ لَهُمْ رَبْعٌ جَاهِلِيٌّ، حَتَّى وَسَّعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ لَيَالِيَ فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَدْخَلَ بَعْضَ دَارِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ، وَاشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَكَتَبَ لَهُمُ بِالثَّمَنَ كِتَابًا إِلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِالْعِرَاقِ، فَخَرَجَ بَعْضُ آلِ عُقْبَةَ بْنِ الْأَزْرَقِ إِلَى مُصْعَبٍ، فَوَجَدُوا عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ قَدْ نَزَلَ بِهِ يُقَاتِلُهُ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ قُتِلَ مُصْعَبٌ، فَرَجَعُوا إِلَى مَكَّةَ، فَكَلَّمُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَكَانَ يَعِدُهُمْ، حَتَّى نَزَلَ بِهِ الْحَجَّاجُ فَحَاصَرَهُ، وَشُغِلَ عَنْ إِعْطَائِهِمْ، فَقُتِلَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذُوا شَيْئًا مِنْ ثَمَنِهَا، فَلَمَّا قُتِلَ كَلَّمُوا الْحَجَّاجَ فِي ثَمَنِ دَارِهِمْ، وَقَالُوا: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ اشْتَرَاهَا لِلْمَسْجِدِ فَأَبَى أَنْ يُعْطِيَهُمْ شَيْئًا، وَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا بَرَّدْتُ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، هُوَ ظَلَمَكُمْ فَادْعُوا عَلَيْهِ، فَلَوْ شَاءَ أَنْ يُعْطِيَكُمْ لَفَعَلَ , فَلَمْ تَزَلْ بَقِيَّتُهَا فِي أَيْدِيهِمْ حَتَّى وَسَّعَ الْمَهْدِيُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَدَخَلَتْ فِيهِ، فَاشْتَرَاهَا مِنْهُمْ بِنَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَاشْتَرَوْا بِثَمَنِهَا دُورًا بِمَكَّةَ عِوَضًا مِنْهَا، وَكَانَتْ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً، فَتِلْكَ الدُّورُ الْيَوْمَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَكَانَ دُخُولُهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَلِآلِ الْأَزْرَقِ بْنِ عَمْرٍو أَيْضًا دَارُهُمُ الَّتِي عِنْدَ الْمَرْوَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute