٨ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ الْأَزْرَقِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " كَتَبَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ إِلَى خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ أَنْ أَجْرِ لِي عَيْنًا تَخْرُجُ مِنَ الثَّقَبَةِ مِنْ مَائِهَا الْعَذْبِ الزُّلَالِ، حَتَّى تَظْهَرَ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالرُّكْنِ الْأَسْوَدِ، وَيُضَاهَى بِهَا رَغَمْ مَاءِ زَمْزَمَ قَالَ: فَعَمِلَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ الْبِرْكَةَ الَّتِي بِفَمِ الثَّقَبَةِ يُقَالُ لَهَا بِرْكَةُ الْقَسْرِيِّ، وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا بِرْكَةُ الْبُرْدِيِّ بِبِيرِ مَيْمُونٍ، وَهِيَ قَايِمَةٌ إِلَى الْيَوْمِ بِأَصْلِ ثَبِيرٍ، فَعَمِلَهَا بِحِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ طِوَالٍ، وَأَحْكَمَهَا وَأَنْبَطَ مَاءَهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، ثُمَّ شَقَّ لَهَا عَيْنًا تُسْكَبُ فِيهَا مِنَ الثَّقَبَةِ، وَبَنَى سَدَّ الثَّقَبَةِ وَأَحْكَمَهُ، وَالثَّقَبَةُ شِعْبٌ يَفْرَعُ فِيهِ وَجْهُ ثَبِيرٍ، ثُمَّ شَقَّ مِنْ هَذِهِ الْبِرْكَةِ عَيْنًا تَجْرِي إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَأَجْرَاهَا فِي قَصَبٍ مِنْ رَصَاصٍ، حَتَّى أَظْهَرَهَا فِي فَوَّارَةٍ تَسْكُبُ فِي فَسْقِينَةٍ مِنْ رُخَامٍ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، فَلَمَّا أَنْ جَرَتْ وَظَهَرَ ⦗١٠٨⦘ مَاؤُهَا، أَمَرَ الْقَسْرِيُّ بِجُزُرٍ، فَنُحِرَتْ بِمَكَّةَ، وَقُسِمَتْ بَيْنَ النَّاسِ، وَعَمِلَ طَعَامًا فَدَعَا عَلَيْهِ النَّاسَ، ثُمَّ أَمَرَ صَايِحًا فَصَاحَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً، ثُمَّ أَمَرَ بِالْمِنْبَرِ فَوُضِعَ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ صَعِدَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، احْمَدُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَادْعُوا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِي سَقَاكُمُ الْمَاءَ الْعَذْبَ الزُّلَالَ النِّقَاحَ، بَعْدَ الْمَاءِ الْمَالِحِ الْأُجَاجِ، الْمَائِيِّ الَّذِي لَا يُشْرَبُ إِلَّا صَبِرًا - يَعْنِي زَمْزَمَ قَالَ: ثُمَّ تُفْرَغُ تِلْكَ الْفَسْقِينَةُ فِي سَرَبٍ مِنْ رَصَاصٍ، يَخْرُجُ إِلَى وَضُوءٍ كَانَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ بَابِ الصَّفَا، فِي بِرْكَةٍ كَانَتْ فِي السُّوقِ قَالَ: فَكَانَ النَّاسُ لَا يَقِفُونَ عَلَى تِلْكَ الْفَسْقِينَةِ، وَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يَأْتِيهَا، وَكَانُوا عَلَى شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ أَرْغَبَ مَا كَانُوا فِيهِ قَالَ: فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَسْرِيُّ صَعِدَ الْمِنْبَرُ، فَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يُؤَنِّبُ فِيهِ أَهْلَ مَكَّةَ، فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الْبِرْكَةُ عَلَى حَالِهَا، حَتَّى قَدِمَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ⦗١٠٩⦘ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مَكَّةَ حِينَ أَفْضَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ بِمَكَّةَ، هَدَمَهَا وَرَفَعَ الْفَسْقِينَةَ وَكَسَرَهَا، وَصَرَفَ الْعَيْنَ إِلَى بِرْكَةٍ كَانَتْ بِبَابِ الْمَسْجِدِ قَالَ: فَسُرَّ النَّاسُ بِذَلِكَ سُرُورًا عَظِيمًا حِينَ هُدِمَتْ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute