أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ أَمْرًا ... فِي عَوَاقِبِهِ النَّدَامَهْ
دَارُ ابْنِ أُخْتِكَ بِعْتَهَا ... تَقْضِي بِهَا عَنْكَ الْغَرَامَهْ
وَحَلِيفُكُمْ بِاللَّهِ رَبِّ ... النَّاسِ مُجْتَهِدُ الْقَسَامَهْ
اذْهَبْ بِهَا اذْهَبْ بِهَا ... طُوِّقْتَهَا طَوْقَ الْحَمَامَهْ
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، أَتَى أَبُو أَحْمَدَ بْنُ جَحْشٍ، وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَلَّمَهُ فِيهَا، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ عَمَدَ إِلَى دَارِنَا فَبَاعَهَا فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَارَّهُ بِشَيْءٍ، فَمَا سَمِعَ أَبُو أَحْمَدَ بَعْدَ ذَلِكَ ذِكْرَهَا بِشَيْءٍ، فَقِيلَ لِأَبِي أَحْمَدَ بَعْدَ ذَلِكَ: مَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: قَالَ لِي: «إِنْ صَبَرْتَ كَانَ خَيْرًا لَكَ، وَكَانَتْ لَكَ بِهَا دَارٌ فِي الْجَنَّةِ» قَالَ: قُلْتُ: أَنَا أَصْبِرُ فَتَرَكَهَا أَبُو أَحْمَدَ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ يَعْلَى بْنُ مُنَبِّهٍ التَّمِيمِيُّ حَلِيفُ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، فَكَانَتْ لَهُ، وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى صَنْعَاءَ، ثُمَّ عَزَلَهُ، وَقَاسَمَهُ مَالَهُ كُلَّهُ كَمَا كَانَ عُمَرُ يَفْعَلُ بِالْعُمَّالِ، إِذَا عَزَلَهُمْ قَاسَمَهُمْ أَمْوَالَهُمْ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ حِينَ عَزَلَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، كَمْ لَكَ بِمَكَّةَ مِنَ الدُّورِ؟ فَقَالَ: لِي بِهَا دُورٌ أَرْبَعٌ قَالَ: فَإِنِّي مُخَيِّرُكَ , ثُمَّ أَخْتَارُ قَالَ: افْعَلْ مَا شِئْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَاخْتَارَ يَعْلَى دَارَ غَزْوَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَبِيبِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ الْوَجْهَيْنِ الَّتِي كَانَتْ بِبَابِ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بَابُ بَنِي شَيْبَةَ، وَكَانَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ لَمَّا هَاجَرَ دَفَعَهَا إِلَى أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ هَمَّامِ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ وَكَلَّمَ بَنُو جَحْشِ بْنِ رِيَابٍ الْأَسَدِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِهِمْ، فَكَرِهَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، أُخِذَ مِنْهُمْ فِي اللَّهِ تَعَالَى وَهَجَرُوهُ لِلَّهِ، أَمْسَكَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ عَنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِ هَذِهِ ذَاتِ الْوَجْهَيْنِ، وَسَكَتَ الْمُهَاجِرُونَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي دَارٍ هَجَرَهَا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، وَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَسْكَنَيْهِ كِلَيْهِمَا، مَسْكَنِهِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ، وَمَسْكَنِهِ الَّذِي ابْتَنَى فِيهِ بِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute