حَدَّثَنِي جَدِّي ⦗٨١⦘، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: " وُلِدَ لِإِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، وَأُمُّهُمُ السَّيِّدَةُ بِنْتُ مُضَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْجُرْهُمِيِّ، فَوَلَدَتْ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا: نَابِتَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، وَقِيدَارَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، وَوَاصِلَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، وَمَيَاسُ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، وَآزَرَ وَطِيمَا بْنَ إِسْمَاعِيلَ، وَيَطُورَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، وَنَبْشُ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، وقيدما بْنَ إِسْمَاعِيلَ، وَكَانَ عُمْرُ إِسْمَاعِيلَ فِيمَا يَذْكُرُونَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ، فَمِنْ نَابِتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَقِيدَارَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ نَشَرَ اللَّهُ الْعَرَبَ، وَكَانَ أَكْبَرَهُمْ قِيدَارُ وَنَابِتٌ ابْنَا إِسْمَاعِيلَ، وَمِنْهُمَا نَشَرَ اللَّهُ الْعَرَبَ، وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ جُرْهُمٍ وَبَنِي إِسْمَاعِيلَ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ لَمَّا تُوُفِّيَ دُفِنَ مَعَ أُمِّهِ فِي الْحِجْرِ. وَزَعَمُوا أَنَّ فِيهِ دُفِنَتْ حِينَ مَاتَتْ، فَوَلِيَ الْبَيْتَ نَابِتُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلِيَهُ، ثُمَّ تُوُفِّيَ نَابِتُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، فَوَلِيَ الْبَيْتَ بَعْدَهُ مُضَاضُ بْنُ عَمْرٍو الْجُرْهُمِيُّ، وَهُوَ جَدُّ نَابِتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَبُو أُمِّهِ، وَضَمَّ بَنِي نَابِتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَبَنِي إِسْمَاعِيلَ إِلَيْهِ، فَصَارُوا مَعَ جَدِّهِمْ أَبِي أُمِّهِمْ مُضَاضِ ⦗٨٢⦘ بْنِ عَمْرٍو، وَمَعَ أَخْوَالِهِمْ مِنْ جُرْهُمٍ، وَجُرْهُمٌ وَقَطُورَا يَوْمَئِذٍ أَهْلُ مَكَّةَ، وَعَلَى جُرْهُمٍ مُضَاضُ بْنُ عَمْرٍو مَلِكًا عَلَيْهِمْ، وَعَلَى قَطُورَا رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ السَّمَيْدَعُ مَلِكًا عَلَيْهِمْ، وَكَانَا حِينَ ظَعَنَا مِنَ الْيَمَنِ أَقْبَلَا سَيَّارَةً، وَكَانُوا إِذَا خَرَجُوا مِنَ الْيَمَنِ لَمْ يَخْرُجُوا إِلَّا وَلَهُمْ مَلِكٌ يَلِي أَمَرَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَا مَكَّةَ رَأَيَا بَلَدًا طَيِّبًا، وَإِذَا مَاءٌ وَشَجَرٌ، فَأَعْجَبَهُمَا، فَنَزَلَا بِهِ، فَنَزَلَ مُضَاضُ بْنُ عَمْرٍو بِمَنْ مَعَهُ مِنْ جُرْهُمٍ أَعْلَى مَكَّةَ وَقُعَيْقِعَانَ، فَحَازَ ذَلِكَ، وَنَزَلَ السَّمَيْدَعُ أَجْيَادِينَ وَأَسْفَلَ مَكَّةَ، فَمَا حَازَ ذَلِكَ، وَكَانَ مُضَاضُ بْنُ عَمْرٍو يَعْشُرُ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ أَعْلَاهَا، وَكَانَ السَّمَيْدَعُ يَعْشُرُ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ أَسْفَلِهَا وَمِنْ كُدَى، وَكُلٌّ فِي قَوْمِهِ عَلَى حِيَالِهِ، لَا يَدْخُلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي مُلْكِهِ، ثُمَّ إِنَّ جُرْهُمًا وَقَطُورَا بَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَتَنَافَسُوا الْمُلْكَ بِهَا، وَاقْتَتَلُوا بِهَا حَتَّى نَشِبَتِ الْحَرْبُ أَوْ شَبَّتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْمُلْكِ، وَوُلَاةُ الْأَمْرِ بِمَكَّةَ مَعَ مُضَاضِ بْنِ عَمْرٍو بَنُو نَابِتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَبَنُو إِسْمَاعِيلَ، وَإِلَيْهِ وِلَايَةُ الْبَيْتِ دُونَ السَّمَيْدَعِ، فَلَمْ يَزَلْ بَيْنَهُمُ الْبَغْيُ حَتَّى سَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَخَرَجَ مُضَاضُ بْنُ عَمْرٍو مِنْ قُعَيْقِعَانَ فِي كَتِيبَتِهِ سَائِرًا إِلَى السَّمَيْدَعِ، وَمَعَ كَتِيبَتِهِ عُدَّتُهَا مِنَ الرِّمَاحِ وَالدَّرَقِ وَالسُّيُوفِ وَالْجِعَابِ تُقَعْقِعُ بِذَلِكَ مَعَهُ، وَيُقَالُ: مَا سُمِّيَتْ قُعَيْقِعَانَ إِلَّا بِذَلِكَ، وَخَرَجَ السَّمَيْدَعُ بِقَطُورَا مِنْ أَجْيَادٍ، مَعَهُ الْخَيْلُ وَالرِّجَالُ، وَيُقَالُ: مَا سُمِّيَ أَجْيَادٌ أَجْيَادًا إِلَّا لِخُرُوجِ الْخَيْلِ الْجِيَادِ مِنْهُ مَعَ السَّمَيْدَعِ، حَتَّى الْتَقَوْا بِفَاضِحٍ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَقُتِلَ السَّمَيْدَعُ، وَفُضِحَتْ قَطُورَا، وَيُقَالُ: مَا سُمِّيَ فَاضِحٌ فَاضِحًا إِلَّا بِذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ ⦗٨٣⦘ تَدَاعَوْا لِلصُّلْحِ، فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا الْمَطَابِخَ شِعْبًا بِأَعْلَى مَكَّةَ يُقَالُ لَهُ شِعْبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَرِيزِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، فَاصْطَلَحُوا بِهَذَا الشِّعْبِ، وَأَسْلَمُوا الْأَمْرَ إِلَى مُضَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْجُرْهُمِيِّ، فَلَمَّا جُمِعَ إِلَيْهِ أَمْرُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَصَارَ مُلْكُهَا لَهُ دُونَ السَّمَيْدَعِ، نَحَرَ لِلنَّاسِ وَأَطْعَمَهُمْ، فَأَطْبَخَ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ، فَأَكَلُوا، فَيُقَالُ: مَا سُمِّيَتِ الْمَطَابِخُ مَطَابِخَ إِلَّا بِذَلِكَ. قَالَ: فَكَانَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ مُضَاضِ بْنِ عَمْرٍو وَالسَّمَيْدَعِ أَوَّلُ بَغْيٍ كَانَ بِمَكَّةَ فِيمَا يَزْعُمُونَ، فَقَالَ مُضَاضُ بْنُ عَمْرٍو الْجُرْهُمِيُّ: هِيَ تِلْكَ الْحَرْبُ، يَذْكُرُ السَّمَيْدَعَ وَقَتْلَهُ، وَبَغْيَهُ، وَالْتِمَاسَهُ مَا لَيْسَ لَهُ:
[البحر الطويل]
وَنَحْنُ قَتَلْنَا سَيِّدَ الْحَيِّ عَنْوَةً فَأَصْبَحَ فِيهَا وَهْوَ حَيْرَانُ مُوجَعُ
وَمَا كَانَ يَبْغِي أَنْ يَكُونَ سَوَاءَنَا بِهَا مَلِكٌ حَتَّى أَتَانَا السَّمَيْدَعُ
فَذَاقَ وَبَالًا حِينَ حَاوَلَ مُلْكَنَا وَعَالَجَ مِنَّا غُصَّةً تُتَجَرَّعُ
فَنَحْنُ عَمَرْنَا الْبَيْتَ كُنَّا وُلَاتَهُ نُحَامِي عَنْهُ مَنْ أَتَانَا وَنَدْفَعُ
وَمَا كَانَ يَبْغِي أَنْ يَلِيَ ذَاكَ غَيْرُنَا وَلَمْ يَكُ حَيٌّ قَبْلَنَا ثُمَّ يُمْنَعُ
وَكُنَّا مُلُوكًا فِي الدُّهُورِ الَّتِي مَضَتْ وَرِثْنَا مُلُوكًا لَا تُرَامُ فَتُوضَعُ ⦗٨٤⦘ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّمَا سُمِّيَتِ الْمَطَابِخَ؛ لِمَا كَانَ تُبَّعٌ نَحَرَ بِهَا وَأَطْعَمَ بِهَا، وَكَانَتْ مَنْزِلَهُ. قَالَ: ثُمَّ نَشَرَ اللَّهُ تَعَالَى بَنِي إِسْمَاعِيلَ بِمَكَّةَ، وَأَخْوَالُهُمْ مِنْ جُرْهُمٍ إِذْ ذَاكَ الْحُكَّامُ بِمَكَّةَ، وَوُلَاةُ الْبَيْتِ، كَانُوا كَذَلِكَ بَعْدَ نَابِتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، فَلَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ مَكَّةُ وَانْتَشَرُوا بِهَا انْبَسَطُوا فِي الْأَرْضِ، وَابْتَغَوُا الْمَعَاشَ وَالتَّفَسُّحَ فِي الْأَرْضِ، فَلَا يَأْتُونَ قَوْمًا، وَلَا يَنْزِلُونَ بَلَدًا إِلَّا أَظْهَرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ بِدِينِهِمْ، فَوَطَئُوهُمْ وَغَلَبُوهُمْ عَلَيْهَا حَتَّى مَلَكُوا الْبِلَادَ، وَنَفَوْا عَنْهَا الْعَمَالِيقَ وَمَنْ كَانَ سَاكِنًا بِلَادَهُمُ الَّتِي كَانُوا اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِمْ، وَجُرْهُمٌ عَلَى ذَلِكَ بِمَكَّةَ وُلَاةُ الْبَيْتِ، لَا يُنَازِعُهُمْ إِيَّاهُ بَنُو إِسْمَاعِيلَ لِخُؤُولَتِهِمْ وَقَرَابَتِهِمْ وَإِعْظَامِ الْحَرَمِ أَنْ يَكُونَ بِهِ بَغْيٌ أَوْ قِتَالٌ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute