فَحَلَّتْ بِهَا الْأَنْصَارُ ثُمَّ تَبَوَّأَتْ ... بِيَثْرِبِهَا دَارًا عَلَى خَيْرِ طَايِرِ
بَنُو الْخَزْرَجِ الْأَخْيَارُ وَالْأَوْسُ إِنَّهُمْ ... حَمَوْهَا بِفِتْيَانِ الصَّبَاحِ الْبَوَاكِرِ
نَفَوْا مَنْ طَغَى فِي الدَّهْرِ عَنْهَا وَذَبَّبُوا ... يَهُودًا بِأَطْرَافِ الرِّمَاحِ الْخَوَاطِرِ
وَسَارَتْ لَنَا سَيَّارَةٌ ذَاتُ قُوَّةٍ ... بِكَوْمِ الْمَطَايَا وَالْخُيُولِ الْجَمَاهِرِ
يَؤُمُّونَ نَحْوَ الشَّامِ حَتَّى تَمَكَّنُوا ... مُلُوكًا بِأَرْضِ الشَّامِ فَوْقَ الْمَنَابِرِ
يُصِيبُونَ فَصْلَ الْقَوْلِ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ ... إِذَا وَصَلُوا أَيْمَانَهُمْ بِالْمَحَاضِرِ
أُولَاكَ بَنُو مَاءِ السَّمَاءِ تَوَارَثُوا ... دِمَشْقًا بِمُلْكٍ كَابِرًا بَعْدَ كَابِرِ
" قَالَ: فَلَمَّا حَازَتْ خُزَاعَةُ أَمْرَ مَكَّةَ وَصَارُوا أَهْلَهَا، جَاءَهُمْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ، وَقَدْ كَانُوا اعْتَزَلُوا حَرْبَ جُرْهُمٍ وَخُزَاعَةَ، فَلَمْ يَدْخُلُوا فِي ذَلِكَ، فَسَأَلُوهُمُ السُّكْنَى مَعَهُمْ وَحَوْلَهُمْ، فَأَذِنُوا لَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مُضَاضُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، وَقَدْ كَانَ أَصَابَهُ مِنَ الصَّبَابَةِ إِلَى مَكَّةَ مَا أَحْزَنَهُ، أَرْسَلَ إِلَى خُزَاعَةَ يَسْتَأْذِنُهَا فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ وَالنُّزُولِ مَعَهُمْ بِمَكَّةَ فِي جِوَارِهِمْ، وَمَتَّ إِلَيْهِمْ بِرَأْيِهِ وَتَوْرِيعِهِ قَوْمَهُ عَنِ الْقِتَالِ وَسُوءِ السِّيرَةِ فِي الْحَرَمِ وَاعْتِزَالِهِ الْحَرْبَ، فَأَبَتْ خُزَاعَةُ أَنْ تُقَرِّرَهُمْ، وَنَفَتْهُمْ عَنِ الْحَرَمِ كُلِّهِ، وَلَمْ يَتْرُكُوهُمْ يَنْزِلُونَ مَعَهُمْ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ - وَهُوَ رَبِيعَةُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ - لِقَوْمِهِ: مَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ جُرْهُمِيًّا قَدْ قَارَبَ الْحَرَمَ فَدَمُهُ هَدَرٌ. فَنَزَعَتْ إِبِلٌ لِمُضَاضِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُضَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْجُرْهُمِيِّ مِنْ قَنَوْنَا تُرِيدُ مَكَّةَ، فَخَرَجَ فِي طَلَبِهَا حَتَّى وَجَدَ أَثَرَهَا قَدْ دَخَلَتْ مَكَّةَ، فَمَضَى عَلَى الْجِبَالِ مِنْ نَحْوِ أَجْيَادٍ حَتَّى ظَهَرَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ يَتَبَصَّرُ الْإِبِلَ فِي بَطْنِ وَادِي مَكَّةَ، فَأَبْصَرَ الْإِبِلَ تُنْحَرُ وَتُؤْكَلُ، لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا، فَخَافَ إِنْ هَبَطَ الْوَادِيَ أَنْ يُقْتَلَ، فَوَلَّى مُنْصَرِفًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute