قَالَ: حَدَّثنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: " أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا تَابَ عَلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أُمِرَ أَنْ يَسِيرَ إِلَى مَكَّةَ فَطَوَى لَهُ الْأَرْضَ، وَقَبَضَ لَهُ الْمَفَاوِزَ، فَصَارَ كُلُّ مَفَازَةٍ يَمُرُّ بِهَا خُطْوَةً، وَقَبَضَ لَهُ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ مَخَاضِ مَاءٍ أَوْ بَحْرٍ، فَجَعَلَهُ لَهُ خُطْوَةً، فَلَمْ يَضَعْ قَدَمَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا صَارَ عُمْرَانًا، وَبَرَكَةً، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَّةَ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ قَدِ اشْتَدَّ بُكَاؤُهُ، وَحُزْنُهُ لِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ عِظَمِ الْمُصِيبَةِ حَتَّى إِنْ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ لَتَحْزَنُ لِحُزْنِهِ، وَلَتَبْكِي لِبُكَائِهِ، فَعَزَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِخَيْمَةٍ مِنْ خِيَامِ الْجَنَّةِ، وَوَضَعَهَا لَهُ بِمَكَّةَ فِي مَوْضِعِ الْكَعْبَةِ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ الْكَعْبَةُ، وَتِلْكَ الْخَيْمَةُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ مِنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ، فِيهَا ثَلَاثُ قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ تِبْرِ الْجَنَّةِ، فِيهَا نُورٌ يَلْتَهِبُ مِنْ نُورِ الْجَنَّةِ، وَنَزَلَ مَعَهَا الرُّكْنُ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يَاقُوتَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَكَانَ كُرْسِيًّا لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَجْلِسُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا صَارَ آدَمُ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ، وَحُرِسَ لَهُ تِلْكَ الْخَيْمَةُ بِالْمَلَائِكَةِ، كَانُوا يَحْرُسُونَهَا، وَيَذُودُونَ عَنْهَا ⦗٣٨⦘ سَاكِنَ الْأَرْضِ، وَسَاكِنُهَا يَوْمَئِذٍ الْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْجَنَّةِ؛ لِأَنَّهُ مَنْ نَظَرَ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَجَبَتْ لَهُ، وَالْأَرْضُ يَوْمَئِذٍ طَاهِرَةٌ نَقِيَّةٌ لَمْ تَنْجَسْ، وَلَمْ تُسْفَكْ فِيهَا الدِّمَاءُ، وَلَمْ يُعْمَلْ فِيهَا بِالْخَطَايَا، فَلِذَلِكَ جَعَلَهَا اللَّهُ مَسْكَنَ الْمَلَائِكَةِ، وَجَعَلَهُمْ فِيهَا كَمَا كَانُوا فِي السَّمَاءِ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ، وَكَانَ وُقُوفُهُمْ عَلَى أَعْلَامِ الْحَرَمِ صَفًّا وَاحِدًا مُسْتَدِيرِينَ بِالْحَرَمِ الشَّرِيفِ كُلِّهِ، الْحِلُّ مِنْ خَلْفِهِمْ، وَالْحَرَمُ كُلُّهُ مِنْ أَمَامِهِمْ، فَلَا يَجُوزُهُمْ جِنٌّ، وَلَا شَيْطَانٌ، وَمِنْ أَجْلِ مَقَامِ الْمَلَائِكَةِ حُرِّمَ الْحَرَمُ حَتَّى الْيَوْمِ، وَوُضِعَتْ أَعْلَامُهُ حَيْثُ كَانَ مَقَامُ الْمَلَائِكَةِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى حَوَّاءَ دُخُولَ الْحَرَمَ، وَالنَّظَرَ إِلَى خَيْمَةِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَجْلِ خَطِيئَتِهَا الَّتِي أَخْطَأَتْ فِي الْجَنَّةِ، فَلَمْ تَنْظُرْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى قُبِضَتْ، وَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا أَرَادَ لِقَاءَهَا لِيُلِمَّ بِهَا لِلْوَلَدِ، خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ كُلِّهِ، حَتَّى يَلْقَاهَا، فَلَمْ تَزَلْ خَيْمَةُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَكَانَهَا، حَتَّى قَبَضَ اللَّهُ آدَمَ، وَرَفَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَبَنَى بَنُوا آدَمَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مَكَانَهَا بَيْتًا بِالطِّينِ، وَالْحِجَارَةِ، فَلَمْ يَزَلْ مَعْمُورًا يَعْمُرُونَهُ هُمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ حَتَّى كَانَ زَمَنُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَنَسَفَهُ الْغَرَقُ وَخَفِىَ مَكَانُهُ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَلَبَ الْأَسَاسَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ ظَلَّلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مَكَانَ الْبَيْتِ بِغَمَامَةٍ، فَكَانَتْ حِفَافَ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ رَاكِدَةً عَلَى حِفَافَةٍ تُظِلُّ إِبْرَاهِيمَ، وَتَهْدِيهِ مَكَانَ الْقَوَاعِدِ حَتَّى رَفَعَ اللَّهُ الْقَوَاعِدَ قَامَةً، ثُمَّ انْكَشَفَتِ الْغَمَامَةُ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ⦗٣٩⦘: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} [الحج: ٢٦] أَيِ الْغَمَامَةَ الَّتِي رَكَدَتْ عَلَى الْحِفَافِ لِتَهْدِيَهُ مَكَانَ الْقَوَاعِدِ، فَلَمْ يَزَلْ بِحَمْدِ اللَّهِ مُنْذُ رَفَعَهُ اللَّهُ مَعْمُورًا "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute