مِنْ أَبِيهِ حُنٌّ وَمَحْمُودٌ وَجَلْهَمَةُ بَنُو رَبِيعَةَ بْنِ حَرَامٍ فِيمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ قُضَاعَةَ فِي حَاجِّ الْعَرَبِ، مُجْتَمِعِينَ لِنَصْرِ قُصَيٍّ وَالْقِيَامِ مَعَهُ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ بِمَكَّةَ خَرَجُوا إِلَى الْحَجِّ، فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ وَبِجَمْعٍ، وَنَزَلُوا مِنًى، وَقُصَيٌّ مُجْمِعٌ عَلَى مَا أَجْمَعَ مِنْ قِتَالِهِمْ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَنِي كِنَانَةَ وَمَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ مَعَ أَخِيهِ رَزَاحٍ مِنْ قُضَاعَةَ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ أَيَّامِ مِنًى أَرْسَلَتْ قُضَاعَةُ إِلَى خُزَاعَةَ يَسْأَلُونَهُمْ أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَى قُصَيٍّ مَا جَعَلَ لَهُ حَلِيلٌ، وَعَظَّمُوا عَلَيْهِمُ الْقِتَالَ فِي الْحَرَمِ، وَحَذَّرُوهُمُ الظُّلْمَ وَالْبَغْيَ بِمَكَّةَ، وَذَكَّرُوهُمْ مَا كَانَتْ فِيهِ جُرْهُمٌ وَمَا صَارَتْ إِلَيْهِ حِينَ أَلْحَدُوا فِيهِ بِالظُّلْمِ وَالْبَغْيِ، فَأَبَتْ خُزَاعَةُ أَنْ تُسَلِّمَ ذَلِكَ، فَاقْتَتَلُوا بِمَفْضَى مَأْزِمَيْ مِنًى. قَالَ: فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْمَكَانُ الْمَفْجَرَ لِمَا فُجِرَ فِيهِ وَسُفِكَ فِيهِ مِنَ الدِّمَاءِ، وَانْتُهِكَ مِنْ حُرْمَتِهِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، حَتَّى كَثُرَتِ الْقَتْلَى فِي الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا، وَفَشَتْ فِيهِمُ الْجِرَاحَاتُ، وَحَاجُّ الْعَرَبِ جَمِيعًا مِنْ مُضَرَ وَالْيَمَنِ مُسْتَكْفُونَ يَنْظُرُونَ إِلَى قِتَالِهِمْ، ثُمَّ تَدَاعَوْا إِلَى الصُّلْحِ، وَدَخَلَتْ قَبَائِلُ الْعَرَبِ بَيْنَهُمْ، وَعَظَّمُوا عَلَى الْفَرِيقَيْنِ سَفْكَ الدِّمَاءِ وَالْفُجُورَ فِي الْحَرَمِ، فَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يُحَكِّمُوا بَيْنَهُمْ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَحَكَّمُوا يَعْمَرَ بْنَ عَوْفِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ، وَكَانَ رَجُلًا شَرِيفًا، فَقَالَ لَهُمْ: مَوْعِدُكُمْ فِنَاءُ الْكَعْبَةِ غَدًا. فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute