قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: فَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ قَالَ: " شَهِدْتُ الْعَبَّاسَ وَهُوَ يَهْدِمُهُ، فَأَصَابَ مِنْهُ مَالًا عَظِيمًا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ دَعَا بِالسَّلَاسِلِ، فَعَلَّقَهَا فِي كُعَيْبٍ وَالْخَشَبَةِ الَّتِي مَعَهُ، فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ، فَلَمْ يَقْرَبْهَا أَحَدٌ مَخَافَةً لِمَا كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَقُولُونَ فِيهَا، فَدَعَا بِالْوَرْدِيَيْنِ، وَهِيَ الْعَجَلُ، فَأَعْلَقَ فِيهَا السَّلَاسِلَ، ثُمَّ جَبَذَهَا الثِّيرَانُ، وَجَبَذَهَا النَّاسُ مَعَهَا، حَتَّى أَبْرَزُوهَا مِنَ السُّوَرِ، فَلَمَّا أَنْ لَمْ يَرَ النَّاسُ شَيْئًا مِمَّا كَانُوا يَخَافُونَ مِنْ مَضَرَّتِهَا، وَثَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ كَانَ تَاجِرًا بِصَنْعَاءَ، فَاشْتَرَى الْخَشَبَةَ وَقَطَعَهَا لِدَارٍ لَهُ، فَلَمْ يَلْبَثِ الْعِرَاقِيُّ أَنْ جَذِمَ، فَقَالَ رُعَاعُ النَّاسِ: هَذَا لِشِرَائِهِ كُعَيْبًا. قَالَ: ثُمَّ رَأَيْتُ أَهْلَ صَنْعَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ يَطُوفُونَ بِالْقُلَّيْسِ، فَيَلْقُطُونَ مِنْهُ قِطَعَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ " ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَلَمَّا تَحَدَّثَتِ الْعَرَبُ بِكِتَابِ أَبْرَهَةَ بِذَلِكَ إِلَى النَّجَاشِيِّ، غَضِبَ رَجُلٌ مِنَ النَّسَاءَةِ أَحَدُ بَنِي فُقَيْمٍ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْقُلَّيْسَ فَقَعَدَ فِيهَا - أَيْ أَحْدَثَ فِيهَا - ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى لَحِقَ بِأَرْضِهِ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ أَبْرَهَةُ، فَقَالَ: مَنْ صَنَعَ هَذَا؟ فَقِيلَ لَهُ: صَنَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّذِي تَحُجُّ الْعَرَبُ إِلَيْهِ بِمَكَّةَ لَمَّا سَمِعَ بِقَوْلِكَ أَصْرِفُ إِلَيْهَا حَاجَّ الْعَرَبِ. فَغَضِبَ، فَجَاءَهَا فَقَعَدَ فِيهَا، أَيْ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِذَلِكَ بِأَهْلٍ، فَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ أَبْرَهَةُ، وَحَلَفَ لَيَسِيرَنَّ إِلَى الْبَيْتِ حَتَّى يَهْدِمَهُ، ثُمَّ أَمَرَ الْحَبَشَةَ، فَتَهَيَّأَتْ وَتَجَهَّزَتْ، ثُمَّ سَارَ وَخَرَجَ بِالْفِيلِ مَعَهُ، فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ الْعَرَبُ فَأَعْظَمُوهُ وَقَطَعُوا بِهِ وَرَأَوْا أَنَّ جِهَادَهُ حَقٌّ عَلَيْهِمْ حِينَ سَمِعُوا أَنَّهُ يُرِيدُ هَدْمَ الْكَعْبَةَ بَيْتَ اللَّهِ الْحَرَامَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ الْيَمَنِ وَمُلُوكِهِمْ يُقَالُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute