فَدَخَلَ دَارَ النَّدْوَةِ، فَقَامَ إِلَيْهِ شَيْبَةُ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الدَّارَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ أَحْضَرْتُ الْمَالَ. قَالَ: فَاثْبُتْ حَتَّى يَأْتِيَكَ رَأْيِ. فَأُجِيفَ الْبَابُ، وَأُرْخِيَ السِّتْرُ، وَرَكِبَ مُعَاوِيَةُ مِنَ الدَّارِ دَابَّةً وَخَرَجَ مِنَ الْبَابِ الْآخَرِ، وَمَضَى مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمْ يَزَلْ شَيْبَةُ جَالِسًا بِالْبَابِ حَتَّى جَاءَ الْمُؤَذِّنُ، فَسَلَّمَ وَآذَنَهُ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فَخَرَجَ وَالِي مَكَّةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ شَيْبَةُ فَقَالَ: أَيْنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قَدْ رَاحَ إِلَى الشَّامِ. قَالَ شَيْبَةُ: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ أَبَدًا. فَلَمَّا حَجَّ مُعَاوِيَةُ حَجَّتَهُ الثَّانِيَةَ بَعَثَ إِلَى شَيْبَةَ أَنْ يَفْتَحَ لَهُ الْكَعْبَةَ حَتَّى يَدْخُلَهَا وَيُصَلِّيَ فِيهَا. قَالَ شَيْبَةُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ: فَأَرْسَلَنِي جَدِّي بِالْمِفْتَاحِ وَأَنَا غُلَامٌ حَدَثٌ، وَأَبَى شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ أَنْ يَفْتَحَ لَهُ الْبَابَ، وَلَمْ يَأْتِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ. قَالَ شَيْبَةُ بْنُ جُبَيْرٍ: فَلَمَّا رَآنِي مُعَاوِيَةُ اسْتَصْغَرَنِي، وَقَالَ: مَنْ أَنْتَ يَا حَبِيبُ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَنَا شَيْبَةُ بْنُ جُبَيْرٍ. قَالَ: لَا بَأْسَ يَا ابْنَ أَخِي، غَضِبَ أَبُو عُثْمَانَ شَيْبَةُ مَكَانَ شَيْبَةَ. فَفَتَحْتُ لَهُ الْكَعْبَةَ، فَلَمَّا دَخَلَ أَجَفْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ، وَلَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ الْكَعْبَةَ إِلَّا حَاجِبُهُ أَبُو يُوسُفَ الْحِمْيَرِيُّ، فَبَيْنَا مُعَاوِيَةُ يَدْعُو فِي الْبَيْتِ وَيُصَلِّي إِذَا بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ تُحَرَّكُ تَحْرِيكًا ضَعِيفًا، فَقَالَ لِي: يَا شَيْبَةُ، انْظُرْ، هَذَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَإِنْ كَانَ إِيَّاهُ فَأَدْخِلْهُ. فَفَتَحْتُ الْبَابَ، فَإِذَا هُوَ هُوَ، فَأَدْخَلْتُهُ، ثُمَّ حَرَّكْتُ الْحَلْقَةَ تَحْرِيكًا هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْأَوَّلِ فَقَالَ: انْظُرْ هَذَا الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَإِنْ كَانَ إِيَّاهُ فَأَدْخِلْهُ فَفَتَحْتُ فَإِذَا هُوَ هُوَ فَأَدْخَلْتُهُ ثُمَّ قَالَ: لِأَبِي يُوسُفَ الْحِمْيَرِيِّ: انْظُرْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَإِنِّي رَأَيْتُهُ آنِفًا خَلْفَ الْمَقَامِ حَتَّى أَسْأَلَهُ أَيْنَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْكَعْبَةِ؟ فَقَامَ أَبُو يُوسُفَ الْحِمْيَرِيُّ فَجَاءَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute