، فَقَالَ: أَرْجُو السَّلَامَةَ، فَأَذِنَتْ لَهُ، فَوَلَّى فِي صُورَةِ جَانٍّ، فَلَمَّا أَدْبَرَ جَعَلَتْ تُعَوِّذُهُ وَتَقُولُ: أُعِيذُهُ بِالْكَعْبَةِ الْمَسْتُورَةِ، وَدَعَوَاتِ ابْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَمَا تَلَى مُحَمَّدٌ مِنْ سُورَةٍ، إِنِّي إِلَى حَيَاتِهِ فَقِيرَةٌ، وَإِنَّنِي بِعَيْشِهِ مَسْرُورَةٌ , فَمَضَى الْجَانُّ نَحْوَ الطَّوَافِ , فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ أَقْبَلَ مُنْقَلِبًا , حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ دُورِ بَنِي سَهْمٍ عَرَضَ لَهُ شَابٌّ مِنْ بَنِي سَهْمٍ أَحْمَرُ أَكْشَفُ أَزْرَقُ أَحْوَلُ أَعْسَرُ , فَقَتَلَهُ فَثَارَتْ بِمَكَّةَ غَبَرَةٌ حَتَّى لَمْ تُبْصَرْ لَهَا الْجِبَالُ، قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: وَبَلَغَنَا أَنَّهُ إِنَّمَا تَثُورُ تِلْكَ الْغَبَرَةُ عِنْدَ مَوْتِ عَظِيمٍ مِنَ الْجِنِّ، قَالَ: فَأَصْبَحَ مِنْ بَنِي سَهْمٍ عَلَى فُرُشِهِمْ مَوْتَى كَثِيرٌ مِنْ قَتْلَى الْجِنِّ الشبَابٍّ، قفِيهِمْ سَبْعُونَ شَيْخًا أَصْلَعَ سِوَى شَابٍّ، قَالَ: فَنَهَضَتْ بَنُو سَهْمٍ وَحُلَفَاؤُهُمْ وَمَوَالِيهِمْ وَعَبِيدُهُمْ , فَرَكِبُوا الْجِبَالَ وَالشِّعَابَ بِالثَّنِيَّةِ فَمَا تَرَكُوا حَيَّةً وَلَا عَقْرَبًا وَلَا حُكًا وَلَا عَضَايَةً وَلَا خُنْفُسًا وَلَا شَيْئًا مِنَ الْهَوَامِّ يَدُبُّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَّا قَتَلُوهُ , فَأَقَامُوا بِذَلِكَ ثَلَاثًا فَسَمِعُوا فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ هَاتِفًا يَهْتِفُ بِصَوْتٍ لَهُ جَهْوَرِيٍّ , يُسْمَعُ بِهِ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اللَّهَ اللَّهَ فَإِنَّ لَكُمْ أَحْلَامًا وَعُقُولًا , اعْذِرُونَا مِنْ بَنِي سَهْمٍ، فَقَدْ قَتَلُوا مِنَّا أَضْعَافَ مَا قَتَلْنَا مِنْهُمْ , ادْخُلُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بِالصُّلْحِ نُعْطِيهِمْ وَيُعْطُونَا الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ لَا يَعُودَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ بِسُوءٍ أَبَدًا فَفَعَلَتْ ذَلِكَ قُرَيْشٌ وَاسْتَوْثَقُوا لِبَعْضٍ مِنْ بَعْضٍ فَسُمِّيَتْ بَنُو سَهْمٍ الْغَيَاطِلَةَ قَتْلَةَ الْجِنِّ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute