قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنِي جَدِّي، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ فِي نَاسٍ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ لَيْلًا فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ لَا تَرَوْنِي، فَسَأَلَهُ الْقَوْمُ فَأَكْثَرُوا، فَكَانَ مِمَّا سُئِلَ عَنْهُ أَنْ قَالَ رَجُلٌ: أَحَقٌّ مَا سَمِعْنَا يُذْكَرُ فِي الْمَقَامِ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: وَمَاذَا سَمِعْتَ؟ قَالَ الرَّجُلُ: سَمِعْنَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ نَبِيَّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ حِينَ جَاءَ مِنَ الشَّامِ حَلَفَ لِامْرَأَتِهِ أَنْ لَا يَنْزِلَ بِمَكَّةَ حَتَّى يَرْجِعَ، يَقُولُ الرَّجُلُ: فَقُرِّبَ إِلَيْهِ الْمَقَامُ فَرَجَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: لَيْسَ كَذَلِكَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَكِنَّهُ حَدَّثَنَا أَنَّهُ حِينَ كَانَ بَيْنَ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ سَارَةَ امْرَأَةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا كَانَ، أَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ نَبِيُّ اللَّهِ بِأُمِّ إِسْمَاعِيلَ، وَإِسْمَاعِيلُ مَعَهَا، وَهُوَ صَغِيرٌ يُرْضِعُهَا حَتَّى قَدِمَ بِهِمَا مَكَّةَ، وَمَعَ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ شَنَّةٌ فِيهَا مَاءٌ تَشْرَبُ مِنْهَا، وَتُدِرُّ عَلَى ابْنِهَا، لَيْسَ مَعَهَا زَادٌ "، يَقُولُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " فَعَمَدَ بِهِمَا إِلَى دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ يُشِيرُ لَنَا بَيْنَ البير وَبَيْنَ الصَّفَا، يَقُولُ: فَوَضَعَهُمَا تَحْتَهَا، ثُمَّ تَوَجَّهَ إِبْرَاهِيمُ خَارِجًا عَلَى دَابَّتِهِ، وَاتَّبَعَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ أَثَرَهُ حَتَّى ⦗٣٢⦘ أَوْفَى إِبْرَاهِيمُ بِكُدَا " يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: " فَقَالَتُ لَهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ: إِلَى مَنْ تَتْرُكُهَا وَابْنَهَا؟ قَالَ: إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، قَالَتْ: رَضِيتُ بِاللَّهِ تَعَالَى، فَرَجَعَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تَحْمِلُ ابْنَهَا حَتَّى قَعَدَتْ تَحْتَ الدَّوْحَةِ وَوَضَعَتِ ابْنَهَا إِلَى جَنْبِهَا "، ثُمَّ سَاقَ حَدِيثًا طَوِيلًا يَقُولُ فِيهِ: " ثُمَّ جَاءَ الثَّالِثَةَ، فَوَجَدَ إِسْمَاعِيلَ قَاعِدًا تَحْتَ الدَّوْحَةِ إِلَى نَاحِيَةِ الْبِئْرِ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ نزل إليه فَقَعَدَ مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ، قَالَ: إسماعيل: فَأَطِعْ رَبَّكَ فِيمَا أَمَرَكَ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا، قَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ: وَأَيْنَ؟ " يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: " فَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا، عَلَيْهَا رَضْرَاضٌ مِنْ حَصْبَاءَ يَأْتِيهَا السَّيْلُ مِنْ نَوَاحِيهَا، وَلَا يَرْكَبُهَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَامَا يَحْفِرَانِ عَنِ الْقَوَاعِدِ وَيَقُولَانِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: ١٢٧] ، وَيَحْمِلُ لَهُ إِسْمَاعِيلُ الْحِجَارَةَ عَلَى رَقَبَتِهِ، وَيَبْنِي الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ الْبُنْيَانُ، وَشَقَّ عَلَى الشَّيْخِ تَنَاوُلُهُ، قَرَّبَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ هَذَا الْحَجَرَ، فَكَانَ يَقُومُ عَلَيْهِ، وَيَبْنِي وَيُحَوِّلُهُ فِي نَوَاحِي الْبَيْتِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى وَجْهِ الْبَيْتِ "، يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: «فَذَلِكَ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيَامُهُ عَلَيْهِ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute