الْبَيْتِ عَرِيشًا مِنْ أَرَاكٍ، تَقْتَحِمُهُ الْعَنْزُ، فَكَانَ زَرِبًا لِغَنَمِ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: وَحَفَرَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جُبًّا فِي بَطْنِ الْبَيْتِ، عَلَى يَمِينِ مَنْ دَخَلَهُ، يَكُونُ خِزَانَةً لِلْبَيْتِ يُلْقَى فِيهِ مَا يُهْدَى لِلْكَعْبَةِ، وَهُوَ الْجُبُّ الَّذِي نَصَبَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ، هُبَلَ الصَّنَمَ الَّذِي كَانَتْ قُرَيْشٌ تَعْبُدُهُ، وَيُسْتَقْسَمُ عِنْدَهُ بِالْأَزْلَامِ حِينَ جَاءَ بِهِ مِنْ هَيْتَ مِنْ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ. قَالَ: وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، وَيَنْقِلُ لَهُ إِسْمَاعِيلُ الْحِجَارَةَ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ الْبُنْيَانُ، قَرَّبَ لَهُ الْمَقَامَ، فَكَانَ يَقُومُ عَلَيْهِ وَيَبْنِي وَيُحَوِّلُهُ إِسْمَاعِيلُ فِي نَوَاحِي الْبَيْتِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَوْضِعِ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِإِسْمَاعِيلَ: يَا إِسْمَاعِيلُ أَبْغِنِي حَجَرًا أَضَعْهُ هَاهُنَا يَكُونُ لِلنَّاسِ عَلَمًا يَبْتَدِئُونَ مِنْهُ الطَّوَافَ. فَذَهَبَ إِسْمَاعِيلُ يَطْلُبُ لَهُ حَجَرًا، وَرَجَعَ وَقَدْ جَاءَهُ جِبْرِيلُ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اسْتَوْدَعَ الرُّكْنَ أَبَا قُبَيْسٍ حِينَ غَرَّقَ اللَّهُ الْأَرْضَ زَمَنَ نُوحٍ، وَقَالَ: إِذَا رَأَيْتَ خَلِيلِيَ يَبْنِي بَيْتِي فَأَخْرِجْهُ لَهُ، قَالَ: فَجَاءَهُ إِسْمَاعِيلُ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبِهِ، مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ قَالَ: جَاءَنِي بِهِ مَنْ لَمْ يَكِلْنِي إِلَى حَجَرِكَ جَاءَكَ بِهِ جِبْرِيلُ، فَلَمَّا وَضَعَ جِبْرِيلُ الْحَجَرَ فِي مَكَانِهِ، وَبَنَى عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ حِينَئِذٍ يَتَلَأْلَأُ تَلَأْلُؤًا مِنْ شِدَّةِ بَيَاضِهِ فَأَضَاءَ نُورُهُ شَرْقًا وَغَرْبًا وَيَمَنًا وَشَامًا، قَالَ: فَكَانَ نُورُهُ يُضِيءُ إِلَى مُنْتَهَى أَنْصَابِ الْحَرَمِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْحَرَمِ قَالَ: وَإِنَّمَا شِدَّةُ سَوَادِهِ لِأَنَّهُ أَصَابَهُ الْحَرِيقُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَالْإِسْلَامِ. فَأَمَّا حَرِيقُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّهُ ذَهَبَتِ امْرَأَةٌ فِي زَمَنِ قُرَيْشٍ تُجَمِّرُ الْكَعْبَةَ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ فِي أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاحْتَرَقَتِ الْكَعْبَةُ، وَاحْتَرَقَ الرُّكْنُ الْأَسْوَدُ، وَاسْوَدَّ وَتَوَهَّنَتِ الْكَعْبَةُ، فَكَانَ هُوَ الَّذِي هَاجَ قُرَيْشًا عَلَى هَدْمِهَا وَبِنَائِهَا. وَأَمَّا حَرِيقُهُ فِي الْإِسْلَامِ فَفِي عَصْرِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَيَّامَ حَاصَرَهُ الْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ الْكِنْدِيُّ، احْتَرَقَتِ الْكَعْبَةُ وَاحْتَرَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute