للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عَلَى ذَلِكَ مِمَّا يَعْلَمُهُ اللهُ أَنْ يَفْعَلَهُ؛ مِثْلَ أَنْ يَصِلَ رَحِمَهُ، فَيُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَجَلِهِ» (١).

قَالَ القُرْطُبِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ»: «وَمِنَ القَضَاءِ مَا يَكُونُ وَاقِعًا مَحْتُومًا، وَهُوَ الثَّابِتُ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ مَصْرُوفًا بِأَسْبَابٍ، وَهُوَ المَحْوُ» (٢).

وَقَالَ العَلَّامَةُ ابْنُ القَيِّمِ فِي كِتَابِهِ «الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ»: «إِنَّ مِنَ المَقْدُورِ مَا قُدِّرَ بِأَسْبَابٍ، وَلَمْ يُقَدَّرْ مُجَرَّدًا عَنْ سَبَبِهِ، فَمَتَى أَتَى العَبْدُ بِالسَّبَبِ وَقَعَ المَقْدُورُ، وَمَتَى لَمْ يَأْتِ بِالسَّبَبِ انْتَفَى» (٣).

قَالَ: «وَهَذَا كَمَا قُدِّرَ الشِّبَعُ (٤) وَالرَّيِّ (٥) بِالأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَقُدِّرَ الوَلَدُ بِالوَطْءِ، وَقُدِّرَ حُصُولُ الزَّرْعِ بِالبَذْرِ، وَقُدِّرَ خُرُوجُ نَفْسِ (٦) الحَيَوَانِ بِالذَّبْحِ» (٧).

يَعْنِي: وَاللهُ - تَعَالَى - لَمْ يَزَلْ يَعْلَمُ وُجُودَ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَوُجُودَ سَبَبِهِ المُرَتَّبِ هُوَ عَلَيْهِ، وَمَا عَلِمَ اللهُ وُجُودَهُ فَلَا سَبِيلَ إِلَى تَخَلُّفِهِ الْبَتَّةَ.


(١) انْظُرْ «مُخْتَصَرَ الفَتَاوَى المِصْرِيَّةِ» (ص١٨٨).
(٢) انْظُرْ «تَفْسِيرَ القُرْطُبِيِّ» (٩/ ٣٣٢).
(٣) انْظُرِ «الجَوَابَ الكَافِي» (ص١٧) - وَهُوَ نَفْسُهُ «الدَّاءُ وَالدَّوَاءُ» -.
(٤) الصَّحِيحُ المَشْهُورُ: كَسْرُ الشِّينِ وَفَتْحُ البَاءِ، وَقَدْ وَرَدَ - أَيْضًا - فِي بَعْضِ المَعَاجِمِ: (الشِّبْعُ) - بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونُ البَاءِ -، وَ (الشَّبْعُ) - بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ البَاءِ -.
(٥) بِكَسْرِ الرَّاءِ - وَهُوَ الاسْمُ -، وَفَتْحِهَا - وَهُوَ المَصْدرُ -.
(٦) بِسُكُونِ الفَاءِ؛ أَيِ: الدَّمُ.
(٧) انْظُرِ «الجَوَابَ الكَافِي» (ص١٧).

<<  <   >  >>