كعب بن مالك، وسلامه على أبي قتادة، وتركه ردّ السلام عليه (١)، أنّ السلام من التكلّم، لأنّه صلى الله عليه وسلم تسليمًا كان قد نهى المسلمين عن كلامهم- أم يجعل ردّ السلام من قبيل الذكر والتسبيح ونحوهما لاشتراكهما في كونهما طاعة، ومزية ردّ السلام بالوجوب فلا يكون من قبيل التكلّم كما هو جوابه في كتاب الإيمان، وقوله صلى الله عليه وسلم تسليمًا في آخر الحديث:"اللهمّ صلّ عليه" حتى يعد مائة، المراد به أن يقول:"اللهمّ صلّ عليه" حتى يتمّ مائة من
غير ذكر السلام، وقال النووي في الأذكار: إذا صلّى على النبي - صلى الله عليه وسلم - فليجمع بين الصلاة والسلام لا يقتصر على أحدهما، هل قول النووي محمول على ما إذا اخترع صلاة من عند نفسه دون ما ورد به النصّ، فإنّ ذلك لا يزاد عليه ولا ينقص منه أم لا؟
فأجاب: الحمد لله، يجب على الذي يصلّي المائة ردّ السلام في أثنائها، ولا يقطع ذلك ردّ السلام إذا نوى بردّ السلام الدعاء، أو تلفّظ في الردّ بلفظ الدعاء، كأن يقول: اللهمّ سلّم فلانًا أو سلّم عليه مثلا، والتنظير بمسألة الداعي غير موجّه للتعليل بالاستغراق والتوجّه، وظاهر اللّفظ أن يقول: اللهمّ صلّ عليه، بعد أن يقدّم ذكره ليعود الضمير، كأن يبدأ فيقول: اللهمّ صلّ عليه، اللهمّ صلّ عليه، ولا يشترط اقترانها بالسلام، ومحلّ الكراهة التي ذكر النووي في حقّ من لم يسلّم أصلاً؛ أمّا من صلّى في محلّ،
(١) أخرجه البخاري (٢٧٦٩) ومسلم (٢٧٦٩) عن كعب بن مالك قال: " ... حتى إذا طال ذلك عليّ من جفوة المسلمين مشيت حتى تسوّرت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمّي وأحبّ الناس إليّ، فسلَّمت عليه، فوالله ما ردّ عليّ السلام ... ".