وأبو أيوب جده لأمه عمرة، فيه لين. قال الأزدي: "ليس حديثه بذاك، تكلم فيه أهل العلم بالحديث، وكان يحيى بن سعيد ونظراؤه لا يكتبون حديثه".
انظر الجرح والتعديل (٢/٢٤٥) ، والثقات لابن حبان (٤/٢٥) ، و (٦/٥٤) ، وتهذيب الكمال (٣/٤٦٩) ، وتعجيل المنفعة (١/٤٦) ، والتهذيب (١/٣٥١) ، والتقريب (١١٨/ت٦١٠) . (٢) إسناده ضعيف جدًّا فيه: - إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك. - وأيوب بن سالم لم أجد له ترجمة. - وبكر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشَّرُودِ، وهو ضعيف. أخرجه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص٣٣-٣٤) من طريق بكر بن الشرود به مسلسلا بقوله "شبّك بيدي". وأخرجه أحمد (٢/٣٢٧) ، ومسلم (٤/٢١٤٩ح ٢٧٨٩) كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب ابتداء الخلق وخلق آدم، والنسائي في "السنن الكبرى" (٦/٢٩٣) ، وابن خزيمة (٣/١١٧) ، وأبو يعلى (١/٤١-٤٢) و (١٠/٥١٤) ، وابن جرير في "تفسيره" (١٢/٣) و (٢٤/٩٤-٩٥) ، وفي "تاريخه" (١/٢١، ٣٥، ٤١، ٤٢) ، وابن حبان (١٤/٣٢/ح٦١٦١) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (٤/١٣٥٨) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٩/٣) ، وفي "الأسماء والصفات" (ص٣٨٣) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٥/١٨٨) من طرق عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج عن إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد به. ولفظه عندهم ((خلق الله التربة يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد، وخلق الشجر فيها يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل)) . وأخرجه يحيى بن معين في "تاريخه" (٣/٥٢) ، وعنه الدولابي في "الكنى والأسماء" (١/١٧٥) عن هشام بن يوسف، عن ابن جريج به. وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" (١/٤١٣) عن إسماعيل بن أمية، عن أيوب مختصرًا، وقال: وقال بعضهم: عن أبي هريرة، عن كعب، وهو أصحّ.
وأخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (٦/٤٢٨-٤٢٨/ح١١٣٩٢) من طريق الأخضر بن عجلان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة، فخالف حجاج بن محمد وهشام بن يوسف ـ وهما ثقتان ـ، والصواب روايتهما، ورواية الأخضر خطأ، كما خالفه يحيى بن أيوب فرواه عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس بحديث آخر فيه أن ابتداء الخلق يوم الأحد. أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (٤/١٣٦١) . قلت: هذا الحديث رفعه خطأ، والصحيح أنه من قول كعب الأحبار، كما سبق عن البخاري. قال ابن القيم: "ويشبه هذا ما وقع فيه الغلط في حديث أبي هريرة ((خلق الله التربة يوم السبت ... الحديث) ، وهو في صحيح مسلم، ولكن وقع الغلط في رفعه، وإنما هو من قول كعب الأحبار، كذلك قال إمام أهل الحديث محمد ابن إسماعيل البخاري في "تاريخه"، وقاله غيره من علماء المسلمين أيضًا، وهو كما قالوا؛ لأن الله أخبر أنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وهذا الحديث يتضمن أن مدة التخليق سبعة أيام والله أعلم". المنار المنيف (ص٨٤) . وقد نقل البيهقي في "الأسماء والصفات" (ص٣٨٤) عن علي بن المديني أنه قال: "ما أرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى". قَالَ البيهقي: "وقد تابعه على ذلك موسى بن عبيدة الربذي عن أيوب بن خالد، إلا أن موسى بن عبيدة ضعيف، وروي عن بكر بن الشرود، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن صفوان بن سليم، عن أيوب بن خالد، وإسناده ضعيف والله أعلم". اهـ. قلت: إذا ثبت هذا رجع الحديث إلى رواية إبراهيم بن أبي يحيى، وقد اضطرب فيه، فمرة رواه عن صفوان بن سليم، عن أيوب بن خالد، ومرة رواه عن أيوب بن خالد بدون واسطة، فهذا الذي أعل به البيهقي هذا الحديث من جليل العلل وخفيّها والله الموفّق. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما الحديث الذي رواه مسلم في قوله: ((خلق الله التربة يوم السبت)) فهو حديث معلول قدح فيه أئمة الحديث كالبخاري وغيره، وقال البخاري: الصحيح أنه موقوف على كعب الأحبار، وقد ذكر تعليله البيهقي أيضًا، وبينوا أنه غلط ليس مما رواه أبو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وهو مما أنكر الحذاّق على مسلم إخراجه إياه". مجموع الفتاوى (١٧/٢٣٦) . وقال ابن كثير في "تفسيره" (١/٧٠) : "هذا الحديث من غرائب صحيح مسلم، وقد تكلم عليه ابن المديني والبخاري، وغير واحد من الحفاظ، وجعلوه من كلام كعب، وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار، وإنما اشتبه على بعض الرواة، فجعله مرفوعًا". وقال في (٢/٢٢١) : "وفيه استيعاب الأيام السبعة، والله تعالى قد قال: {فِيْ سِتَّةِ أَيَّامٍ} ، ولهذا تكلم البخاري وغير واحد من الحفاظ في هذا الحديث، وجعلوه من رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار، ليس مرفوعًا". اهـ. ومما أعل به هذا الحديث أيضا أن السلف أجمعوا على أن ابتداء الخلق كان في يوم الأحد، قال الطبري: "وأولى القولين في ذلك ـ يعني في ابتداء الخلق ـ عندي بالصواب قول من قال: اليوم الذي ابتدأ الله تعالى ذكره فيه خلق السموات والأرض يوم الأحد لإجماع السلف من أهل العلم على ذلك". تاريخ الطبري (١/٣٥) .
وأعل أيضاً بأنه ليس فيه ذكر خلق السموات. قال المناوي: "قال بعضهم: هذا الحديث في متنه غرابة شديدة، فمن ذلك: أنه ليس فيه ذكر خلق السموات، وفيه ذكر خلق الأرض وما فيها في سبعة أيام، وهذا خلاف القرآن؛ لأن الأربعة خلقت في أربعة أيام، ثم خلقت السموات في يومين". فيض القدير (٣/٤٤٨) . وأختم الكلام على هذا الحديث بما نقله القاسمي عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "هذا الحديث طعن فيه من هو أعلم من مسلم، مثل يحيى بن معين، مثل البخاري وغيرهما، وذكر البخاري أن هذا الكلام من كلام كعب الأحبار، وطائفة اعتبرت صحته مثل أبي بكر بن الأنباري، وأبي الفرج بن الجوزي وغيرهما، والبيهقي وغيره وافقوا الذين ضعفوه، وهذا هو الصواب؛ لأنه قد ثبت بالتواتر أن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وثبت أن آخر الخلق كان يوم الجمعة، فلزم أن يكون أول الخلق يوم الأحد، وهكذا عند أهل الكتاب، وعلى ذلك تدل أسماء الأيام، وهذا المنقول الثابت في أحاديث وآثار أخر، ولو كان أول الخلق يوم السبت وآخره يوم الجمعة لكان قد خلق في الأيام السبعة، وهو خلاف ما أخبر به القرآن، مع أن حذّاق علم الحديث يثبتون علة هذا الحديث من غير هذه الجهة، وأن راويَه فلان غلط فيه لأمور يذكرونها، وهذا الذي يسمى معرفة علل الحديث، يكون الحديث إسناده في الظاهر جيداً، ولكن عرف من طريق آخر أن راويه غلط فرفعه، وهو موقوف، أو أسنده وهو مرسل، أو دخل عليه الحديث في حديث، وهذا فن شريف، وكان يحيى بن سعيد القطان، ثم صاحبه علي بن المديني، ثم البخاري من أعلم الناس به، وكذلك الإمام أحمد، وأبو حاتم، وكذلك النسائي، والدارقطني وغيرهم، وفيه مصنفات معروفة". الفضل المبين للقاسمي (ص٤٣٢-٤٣٤) .