للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: ((اللهُمّ بارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِها)) (١)


(١) إسناده ضعيف، وهو مرسل.
رواه العتيقي في "فوائد الأبهري" (١٧/ح١) بهذا الإسناد.
وأخرجه الخطيب في "موضّح الأوهام" (٢/٥٣٥) عن العتيقي، والقاضي أبي تمام الواسطي، عن محمد بن المظفر،
وأبو يعلى الخليلي في "الإرشاد" (١/٢٥١) عن محمد بن الحسن بن الفتح الصفار، وعمر بن إبراهيم بن كثير المقرئ، وابن عدي في "الكامل" (٧/١٣٧) كلهم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ البغوي به مرسلاً.
قال الخليلي: "هكذا مرسلاً، وإنما هو عن عمارة، عن صخر الغامدي".
قلت: الرواية الموصولة التي ذكرها الخليلي أخرجها الطبراني في "المعجم الأوسط" (٧/٧٠/ح٦٨٨٣) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (١/٤٠٥) من طريق محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي، عن أحمد بن منيع، عن أبي الأحوص محمد
ابن حيّان، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يعلى، عن عمارة، عن صخر الغامدي.

قال الطبراني: "لم يروِ هذا عن مالك إلا أبو الأحوص، تفرد به أحمد بن منيع".
قلت: وتفرد به عنه محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي، قال عنه الدارقطني: "متروك"، وقال مرة: "ضعيف". وقال البرقاني: "بئس الرجل"، فالحمل عليه أولى. انظر الضعفاء والمتروكون (رقم٤٨٨) ، وتاريخ بغداد (١/٤٠٧) .
قال الخطيب: "تفرد برواية هذا الحديث عن مالك أبو الأحوص البغوي، ولم يروِِه عن أحمد بن منيع موصولاً هكذا سوى محمد بن إبراهيم بن زياد، وأخطأ فيه، والصواب ما أخبرناه ... فساق بأسانيده إلى البغوي عن جده أحمد
ابن منيع مرسلاً، وقال: وكان عبد الله بن محمد البغوي لا يحدّث بهذا الحديث إلا في كل سنة مرة واحدة". اهـ.
ثم إن أحمد بن منيع لم يتفرد برواية هذا الحديث عن أبي الأحوص، عن مالك موصولاً، بل تابعه محمد بن بشر
أخي خطاب، عن أبي الأحوص عن مالك به، أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٦/٣٨٧) .
وهناك وجه ثانٍ لرواية عبد الله بن محمد البغوي، عن أحمد بن منيع، عن أبي الأحوص به موصولاً، أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (٩/٤٤١) عن العتيقي، عن أبي محمد عبد الله بن الحسن الخلال، عن البغوي به.
قال العتيقي: "هكذا حدّثناه الخلال إملاءً، وذكر فيه صخرًا الغامدي".
وقال الخطيب: "قد وهم الخلال فيه؛ لأن أبا القاسم البغوي ما كان يذكر صخراً، وإنما ذكره محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي عن أحمد بن منيع".
قلت: كلا، بل أصاب الخلال فيه، وقد تابعه على ذلك أبو القاسم بن حبابة، عن البغوي به، أخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (١/٣١٩) بإسناد صحيح إليه، والخلال وابن حبابة ثقتان، فلا ينبغي طرح روايتهما.
وإذا ثبت هذا، فمن المتفرد الحقيقي في هذا الحديث؟ للجواب عن هذا أورد ما قال الدارقطني في "الأفراد" ـ كما في "أطرافه" لابن طاهر (ل١٤٤/ب) : "غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عن عمارة بن حديد، تفرد به أَبُو الأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ حَيَّانَ عن مالك".
وقال الخليلي: وإنما رواه صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم، وهو من الأفراد، ومن حديث مالك تفرد به أَبُو الأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ حَيَّانَ الْبَغَوِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هُشَيْمٍ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ حديد ـ من غير ذكر صخر ـ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وأبو الأحوص ثقة، ولا يعرف لمالك عن الواسطيين غير هذا الحديث، رواه عن هشيم بن بشير، وهو أصغر من مالك، يروي عن مالك".
قلت: في كلام الدارقطني هذا تحقيق دقيق غاية الدقة، يدل على تبصره بالعلل؛ لأن أبا الأحوص هو المتفرد حقيقة بهذا الحديث عن مالك كما رأيت، وأبو الأحوص ثقة، قال الخليلي: "بغدادي ثقة، كتب عنه أحمد بن منيع، وهو قرين أحمد، وثقه وأثنى عليه، يتفرد بحديث عن مالك، عن هشيم". الإرشاد (١/٢٥١) .
والحاصل أن حديث أبي الأحوص عن مالك، عن هشيم روي موصولاً ومرسلاً، ولكن في سنده عمارة بن حديد، وقد تقدم أنه لم يوثقه غير العجلي وابن حبان، وقال غيرهما مجهول، ولم يعرف من روى عنه غير يعلى بن عطاء.
هذا وقد روي الحديث أيضاً عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً، وفيه زيادة: ((واجعل ذلك يوم خميسها)) .

أخرجه الخليلي في "الإرشاد" (١/١٥٨) ، وابن المقرئ في "المنتخب من غرائب أحاديث مالك" (ص٨٠-٨١/ح٢٧) من طريق عبد المنعم بن بشير، عن مالك به.
قال الخليلي: "وهذا الخبر بهذا الإسناد لا أصل له عن مالك، ولا عن نافع".
قلت: آفته عبد المنعم بن بشير أبو الخير الأنصاري، من أهل مصر، قال عنه عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: يا أبتِ، رأيت عبد المنعم بن بشير في السوق، فقال: "يا بنيّ، وذاك الكذّاب يعيش؟! ".
وقال ابن عدي: "له أحاديث مناكير ... وعامة ما يرويه لا يتابع عليه"، وقال ابن حبان: "منكر الحديث جدًّا، يأتي عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به بحال"، وقال الخليلي: "وضَّاع على الأئمة"، وقال الحاكم: "روى عن مالك وعبد الله بن عمر الموضوعات".
انظر الضعفاء للعقيلي (٣/١١٢) ، والكامل لابن عدي (٥/٢٣٧) ، والمجروحين (٢/١٥٨) ، والإرشاد (١/١٥٨) ، والمدخل إلى الصحيح (ص١٧٧) ، واللسان (٤/٧٤) .
وروي الحديث من وجه آخر عن مالك، أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (١/١٥٠) قال: أخبرني
أبو الحسن محمد بن أحمد بن السري النهرواني، نا أبو بكر محمد بن جعفر العسكري، نا يوسف بن أحمد بن الحكم النصري ـ قدم علينا مجتازاً ـ، نا عبد الله بن مسلمة، نا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ قال: سألت ابن عمر عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ((اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا)) ، فقال: "في طلب العلم والصف الأول".
وفي إسناده محمد بن جعفر العسكري، ذكره الخطيب ولم يحكِ فيه جرحاً ولا تعديلاً. تاريخ بغداد (٢/١٤٦) .
وحديث صخر الغامدي هذا أخرجه من غير طريق مالك ابن أبي شيبة (٦/٥٣٤) ، وأحمد (٣/٤١٧، ٤٣١) ، وعلي
ابن الجعد في "مسنده" (ص٢٥٦) ، وأبو داود (٣/٣٥) كتاب الجهاد، باب في الابتكار في السفر عن سعيد بن منصور، والترمذي (٣/٥١٧) كتاب البيوع، باب ما جاء في التبكير بالتجارة عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وابن ماجه (٢/٧٥٢) كتاب التجارات، باب ما يرجى من البركة في البكور، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شيبة، وابن حبان (١١/٦٢) من طريق قتيبة، كلهم عن هشيم به، وفيه: "وكان صخر رجلاً تاجراً، وكان يبعث تجارته من أول النهار فأثرى، وكثر ماله".
قال الترمذي: "حديث صخر الغامدي حديث حسن، ولا نعرف لصخر الْغَامِدِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم غير هذا الحديث".
وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده" (ص٢٥٦) ، والطيالسي (ص١٧٥) ، والدارمي (٢/٢٨٣) عن سعيد بن عامر، وأحمد (٣/٤٣١) عن محمد بن جعفر، والنسائي في "الكبرى" (٥/٢٥٨) من طريق خالد، وابن حبان (١١/٦٣) من طريق قتيبة، كلهم عن شعبة، عن يعلى به.
وفي إسناده عمارة بن حديد، وهو مجهول، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات".
وقد حسن الحديث الترمذي ـ كما تقدم ـ، وصححه ابن حبان، وضعفه ابن القطان، وابن الجوزي.
وقال أبو حاتم: "لا أعلم في ((اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا)) حديثاً صحيحاً". العلل (٢/٢٦٨) .
قلت: لعله يعني كل حديث بمفرده، وإلا فللحديث شواهد كثيرة عن جم غفير من الصحابة ـ وإن لم يخلُ كل منها من ضعف، إلا أنها بمجموعها تكتسب قوة ـ، وقد اعتنى الحافظ المنذري بجمع طرقه فبلغ نحوا ً من عشرين صحابيًّا، فلذلك ذكره الكتاني في "نظم المتناثر".
وقال الحافظ ابن حجر: "منها ما يصح، ومنها ما لا يصح، وفيها الحسن والضعيف".
وحسّنه أبو إسحاق الحويني أيضاً.
انظر شواهد هذا الحديث في التلخيص الحبير (٤/٩٧) ، ومجمع الزائد (١/١٣٢) ، (٤/٦١-٦٢) ، و (٨/١٩٤) ، ومصباح الزجاجة (٣/٢٨) ، والمقاصد الحسنة (ص٩٠) ، وفوائد أبي عمرو السمرقندي (ص٢٢٥-٢٢٣٠) .
والحديث سيورده المصنف في (ل١٦٠/ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>