للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه، ثم لم يقنع حتى استأذن فيه، فَدُلَّ على ما هو أفضل منه في حقِّه)) (١)، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ففيهما فجاهد) قال الحافظ ابن حجر أيضاً: ((أي إن كان لك أبوان فبالغ جهدك في برهما، والإحسان إليهما؛ فإن ذلك يقوم مقام الجهاد)) (٢)؛ لأن المراد بالجهاد في الوالدين: بذل الجهد، والوسع، والطاقة في برهما؛ ولأهمية ذلك بيَّن العلماء أنه لا يجوز الخروج للجهاد إلا بإذن الأبوين بشرط أن يكونا مسلمين؛ لأن برهما فرض عين، والجهاد فرض كفاية؛ فإن تعيّن الجهاد، وكان فرض عين فلا إذن؛ لأن الجهاد أصبح فرضاً على الجميع: إما باستنفار الإمام، أو هجوم العدوِّ على البلاد، أو حضور الصَّفِّ (٣)، أما إذا كان الجهاد فرض كفاية فلا يجوز الخروج إليه إلا بإذن الوالدين؛ ولهذا جاء في حديث ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((رِضَى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد)) (٤)،وجاء في حديث جاهمة أنه جاء إلى - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أردتُ أن أغزوَ وقد جئت أستشيرك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((هل لك من أمٍّ؟)قال: نعم، قال: ((فالْزَمها فإِنَّ الجنَّة تحت (٥) رِجْلَيْهَا)) (٦)، وعن أبي الدرداء


(١) المرجع السابق، ٦/ ١٤٠.
(٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر، ١٠/ ٤٠٣.
(٣) انظر: مشكل الآثار للطحاوي، ٥/ ٥٦٣، ومعالم السنن للخطابي، ٣/ ٣٧٨، والمفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، ٦/ ٥٠٩.
(٤) أخرجه الترمذي، في كتاب البر والصلة، باب ما جاء من الفضل في رضا الوالدين، برقم ١٨٩٩، والحاكم وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، ٤/ ١٥٢، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ٥١٦،وفي صحيح الأدب المفرد، ص ٣٣،برقم ٢.
(٥) تحت رجليها: أي نصيبك من الجنة لا يصل إليك إلا برضاها، وكأنه لها وهي قاعدة عليه، فلا يصل إليك إلا من جهتها، [حاشية السندي على سنن النسائي، ٦/ ١١].
(٦) أخرجه النسائي، في كتاب الجهاد، باب الرخصة في التخلف لمن له والدة، برقم ٣١٠٤، وأحمد في المسند، ٣/ ٤٢٩، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، ٤/ ١٥١، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، ٨/ ١٣٨: ((رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات))، وحسنه عبد القادر الأرنؤوط في جامع الأصول، ١/ ٤٠٣.

<<  <   >  >>