للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكوَّنوا الدولة الإسلامية، وصار لهم شوكة أُمروا بالقتال، وعلى هذا فلابد من هذا الشرط، وإلا سقط عنهم كسائر الواجبات؛ لأن جميع الواجبات يشترط فيها القدرة؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ} (١)، وقوله: {لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} (٢)). انتهى كلامه رحمه الله (٣).

ويكون الجهاد فرض عين في ثلاث حالات (٤):

١ - إذا حضر المسلم المُكلَّف القتال والتقى الزحفان وتقابل الصفان، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ الله كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ} (٥)، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ* وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ الله وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (٦)، وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن التولِّي يوم الزحف من السَّبع الموبقات (٧).

٢ - إذا حضر العدو بلداً من بلدان المسلمين تعيّن على أهل البلاد قتاله وطرده منها، ويلزم المسلمين أن ينصروا ذلك البلد إذا عجز أهله عن إخراج العدو ويبدأ الوجوب بالأقرب فالأقرب (٨)، قال تعالى: {يَا


(١) سورة التغابن، الآية: ١٦.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٨٦.
(٣) الشرح الممتع على زاد المستقنع، ٨/ ٩، وانظر: المحلى لابن حزم، ٧/ ٢٩١، وفتح الباري لابن حجر، ٦/ ٣٨.
(٤) انظر: المغني لابن قدامة، ١٣/ ١٨.
(٥) سورة الأنفال، الآية: ٤٥.
(٦) سورة الأنفال، الآيتان: ١٥ - ١٦.
(٧) متفق عليه: أخرجه البخاري، في كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا ... }، برقم ٢٧٦٦، ومسلم، في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، برقم ٨٩.
(٨) الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص٤٤٨.

<<  <   >  >>