للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من الأنبياء والرسل مثلَه: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) [الحجر: ٨٧] .

وخصّه الله دون غيره بستٍّ لم يعطها أحد من الأنبياء قبله، ففي الحديث: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلّت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأرسلت إلى الخلق كافّة، وختم بي النبيون " رواه مسلم والترمذي (١) .

يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأنّ الله فضله على غيره بست، أوتي جوامع الكلم، وذلك بأن يجمع في القول الوجيز المعاني الكثيرة.

ونصر بالرعب، وذلك بما يلقيه الله في قلوب أعدائه من الخوف من رسوله وأتباع رسوله صلى الله عليه وسلم.

وأحلّت له الغنائم، وكانت غنائم من قبلنا من الرسل وأتباعهم تجمع ثمّ تنزل نار من السماء تحرقها.

وجعلت له ولأمته الأرض مسجداً وطهوراً، فحيثما أدركت رجلاً من هذه الأمة الصلاة فبإمكانه أن يتوضأ فإن لم يجد يتيمم، ثمّ يصلي في مسجد مقام، أو في منزل أو في الصحراء.

وأرسل إلى النّاس كافة عربهم وعجمهم أبيضهم وأصفرهم وأحمرهم (٢) ، من كان في وقت بعثته ومن يأتي من بعده حتى تقوم الساعة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) [الأعراف: ١٥٨] .


(١) صحيح مسلم: ٥٢٣، والترمذي: ١٥٥٣.
(٢) يزعم (نهرو) في كتابه لمحات من تاريخ العالم أن محمداً مرسل إلى العرب خاصة، وهذا الزعم قال به طوائف من النصارى في القديم والحديث، وقد كتب شيخ الإسلام ابن تيمية كتابه الجواب الصحيح، في الرد على شبهات رجل نصراني، وإحدى تلك الشبهات التي أطال شيخ الإسلام في الرد عليها زعم ذلك النصراني أن محمداً مرسل إلى العرب دون سائر الأمم، ويكفي في الرد على هذه الفرية أن نبين لهؤلاء تناقضهم، فإن إقرارهم بكونه نبياً مرسلاً يقتضي تصديقه فيما أخبر، وقد أخبر ببعثه إلى الناس كافة، فإذا آمنوا بأنه نبي مرسل، ثم كذبوه، وقالوا: أنت مرسل إلى العرب وحدهم، فقد تناقضوا تناقضاً بيناً، ووضح أن مرادهم تبرير كفرهم به.

<<  <   >  >>