للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة " (١) .

ودخل أبو سعيد الخدري على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فوضع يده على الرسول صلى الله عليه وسلم فوجد حرّه بين يديه فوق اللحاف، فقال: يا رسول الله، ما أشدها عليك! ‍‍قال: " إنا كذلك، يُضّعَّف علينا البلاء، ويُضَعَّف لنا الأجر قلت: يا رسول الله، أيُّ الناس أشدُّ بلاءً؟ قال: " الأنبياء، ثم الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر، حتى ما يجد إلا العباءة التي يُحَوِّيها، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء " (٢) . (٣) .

ثالثاً: اشتغال الأنبياء بأعمال البشر:

ومن مقتضى بشريتهم أنهم قد يقومون بالأعمال والأشغال التي يمارسها البشر، فمن ذلك اشتغال الرسول صلى الله عليه وسلم بالتجارة، قبل البعثة، ومن ذلك رعي الأنبياء للغنم، فقد روى جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: ((كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نجني الكَبَاث (٤) ، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " عليكم بالأسود منه، فإنّه أطيبه قالوا: أكنت ترعى الغنم؟ قال: " وهل من نبي إلا وقد رعاها " رواه البخاري في صحيحه (٥) .

ومن الأنبياء الذين نصّ القرآن على أنهم رعوا الغنم نبيّ الله موسى عليه السلام، فقد عمل في ذلك عدةّ سنوات، فقد قال له العبد الصالح: (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ فإن أتممت عشراً فمن عندك وما أريد أن أشقَّ عليك ستجدني إن شاء الله من الصَّالحين - قال ذلك بيني وبينك أيَّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليَّ


(١) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وأحمد، وابن ماجة وغيرهم (سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم: ١٤٣) .
(٢) أخرجه ابن ماجة، وابن سعد والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وقال الشيخ ناصر: وهو كما قالا (انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم: ١٤٤) .
(٣) إذا كان هذا حال الأنبياء فينبغي للصالحين أن يعتبروا بذلك، ولا يظنون بالله غير الحق إذا أصابهم البلاء، وعلى الذين يرمون الصالحين بالتهم الباطلة لأنهم أصيبوا بالبلاء أن يقصروا عن غيهم.
(٤) الكباث: ثمر الأراك، ويقال ذلك للنضيج منه.
(٥) صحيح البخاري: ٣٤٠٦. ومسلم: ٢٠٥٠.

<<  <   >  >>