للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٦- لا تأكل الأرض أجسادهم:

ومن إكرام الله لأنبيائه ورسله أنّ الأرض لا تأكل أجسادهم، فمهما طال الزمان وتقادم العهد تبقى أجسادهم محفوظة من البلى، ففي الحديث " إنّ الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " (١) .

ويذكر أهل التاريخ قصة فيها عجب وغرابة، روى ابن كثير في البداية والنهاية (٢) عن يونس بن بكير قال: لما فتحنا تستر [مدينة في فارس] وجدنا في مال بيت الهرمزان سريراً عليه رجل ميت عند رأسه مصحف، فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر، فدعا له كعباً فنسخه بالعربية، فأنا أوّل رجل من العرب قرأه، قرأته مثل ما اقرأ القرآن هذا.

فقلت لأبي العالية: ما كان فيه؟ قال: سيركم وأموركم ولحون كلامكم، وما هو كائن بعد.

قلت: فما صنعتم بالرجل؟ قال حفرنا له بالنهار ثلاثة عشر قبراً متفرقة، فلما كان بالليل دفناه وسوينا القبور كلّها، لنعميه على الناس فلا ينبشونه (٣) .

قلت: فما يرجون منه؟ قال: كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره فيمطرون.

قلت: من كنتم تظنون بالرجل؟ قال: رجل يقال له دانيال.

قلت: مذ كم وجدتموه؟ قال: قد مات منذ ثلاثمائة سنة.


(١) رواه أبو داود: (١٥٣١) وعزاه ابن حجر أيضاً إلى النسائي وصححه ابن خزيمة وغيره (انظر فتح الباري: ٦/٤٨٨) .
(٢) البداية والنهاية: (٢/٤٠) .
(٣) وهذا يدل على فقه المسلمين في ذلك الوقت، فإنّ إكرام الميت دفنه، سواء أكان نبياً أم غير نبي، وحفرهم القبور الكثيرة لتعمية أمره على الناس حتى لا ينبشوا قبره، وفي ذلك إيذاء لهذا النبي الكريم، وقد يتخذون قبره عيداً، ويقيمون عليه مسجداً، ويقصدونه بالدعاء والتبرك كما يفعل كثير من الذين ضلوا عن سواء الصراط في كثير من ديار الإسلام.

<<  <   >  >>