للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فهؤلاء الحفاظ النقاد أئمة الجرح والتعديل لم يُورِدُوا في تصانيفهم شيئًا مما ذكر أعداؤه وَحُسَّادُهُ من مطاعنه ومثالبه، فثبت من صنيع هؤلاء جميعًا أَنَّ كُلَّ مَا ذُكِرَ في بعض كتب الرجال من جرحه، ينبغي أن يُرْمَى به عُرِْضَ الحائط.

ولا شك أنه ما طعن أحد في قول من أقواله إلا لجهله به، إما من حيث دليله، وإما من حيث دقة مداركه عليه، - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وقد أجمع السلف والخلف على كثرة علمه، وورعه، وعبادته، ودقة مداركه واستنباطاته، ولا عبرة بقول الجُهَّالِ وَالحُسَّادِ والأعداء على كل حال. ولقد صدق الإمام عبد الوهاب الشعراني - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - حيث يقول في " الميزان الكبرى " (١): «وأما ما نُقِلَ عن الأئمة الأربعة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - في ذم الرأي، فأولهم تَبَرِّيًا من كل رأي يخالف ظاهر الشريعة الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان بن ثابت - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، خلاف ما يضيفه إليه بعض المتعصبين، ويا فضيحته يوم القيامة من الإمام إذا وقع الوجه في الوجه، فإن من كان في قلبه نور لا يتجرأ أن يذكر أحدًا من الأئمة بسوء.

وأين المقام من المقام؟ إذ الأئمة كالنجوم في السماء، وغيرهم كأهل الأرض الذين لا يعرفون من النجوم إلا خيالها على وجه الماء! وقد روى الشيخ محيي الدين في " الفتوحات المكية " بسنده إلى الإمام


(١) ١/ ٥٤ و ٥٥.

<<  <   >  >>