المنكرين على أئمة الهُدَى بفهمه السقيم، وحاشا ذلك الإمام الأعظم من مثل ذلك حاشاه، بل هو إمام عظيم مُتَّبَعٌ إلى انقراض المذاهب كلها.
وأتباعه لن يزالوا في ازدياد كلما تقارب الزمان، وفي مزيد اعتقادٍ في أقواله، وأقوال أتباعه، وقد قدمنا قول إمامنا الشافعي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: «النَاسُ فِي الفِقْهِ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ».
وقد ضُرِبَ بَعْضُ أتباعه وَحُبِسَ لِيُقَلَّدَ غيره من الأئمة، فلم يفعل، وما ذلك واللهِ سُدَى، ولا عبره بكلام بعض المتعصبين في حق الإمام ولا بقولهم: إنه من جملة أهل الرأي، بل كلام من يطعن في هذا الإمام عند المحققين يُشْبِهُ الهَذَيَانَ. ولو أن هذا الذي طعن في الإمام، كان له قدم في معرفة منازع المجتهدين، ودقة استنباطهم، لَقَدَّمَ الإمامَ أبا حنيفة في ذلك على غالب المجتهدين، لخفاء مُدْرِكِه - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
واعلم يا أخي، أنني ما بسطتُ لك الكلام على مناقب الإمام أبي حنيفة أكثر من غيره، إلا رحمة بِالمُتَهَوِّرِينَ فِي دِينِهِمْ من بعض طلبة المذاهب المخالفة له، فإنهم ربما وقعوا في تضعيف شيء من أقواله، لخفاء مُدْرَكِهِ عَلَيْهِمْ، بخلاف غيره من الأئمة، فإن وجوه استنباطاتهم من الكتاب والسنة ظاهرة لغالب طلبة العلم، الذين لهم قَدَمٌ في الفهم ومعرفة المدارك». انتهى.