وَأَصْحَابِهِ» فَقِيلَ لَهُ: أَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَكْذِبُ؟ فَقَالَ: «كَانَ أَنْبَلَ مِنْ ذَلِكَ».
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ الحَافِظُ المَوْصِلِيُّ فِي الأَخْبَارِ التِي فِي آخِرِ كِتَابِهِ فِي " الضُّعَفَاءِ " قَالَ: يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أُقَدِّمُهُ عَلَى وَكِيعٍ» وَكَانَ يُفْتِي بِرَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَانَ يَحْفَظُ حَدِيثَهُ كُلَّهُ، وَكَانَ قَدْ سَمِعَ مِنَ أَبِي حَنِيفَةَ حَدِيثًا كَثِيرًا.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: «أَبُو حَنِيفَةَ رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَهُشَيْمٌ، وَوَكِيعُ بْنُ الجَرَّاحِ، وَعَبَّادُ بْنُ العَوَّامِ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ لاَ بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: رُبَّمَا اسْتَحْسَنَّا الشَّيْءَ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَنَأْخُذُ بِهِ.
قَالَ يَحْيَى: وَقَدْ سَمِعْتُ مِنَ أَبِي يُوسُفَ " الجَامِعَ الصَّغِيرَ "، ذَكَرَهُ الأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ المَدِينِيِّ، فَذَكَرَهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ (ابن عبد البر): «الذِينَ رَوَوْا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَوَثَّقُوهُ وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنَ الذِينَ تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَالذِينَ تَكَلَّمُوا فِيهِ مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ، أَكْثَرُ مَا عَابُوا عَلَيْهِ الإِغْرَاقَ فِي الرَّأْيِ وَالقِيَاسِ وَالإِرْجَاءَ.
وَكَانَ يُقَالُ: يُسْتَدَلُّ عَلَى نَبَاهَةِ الرَّجُلِ مِنَ المَاضِينَ بِتَبَايُنِ النَّاسِ فِيهِ قَالُوا: أَلاَ تَرَى إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ فِيهِ [فَتَيَانِ] مُحِبٌّ مُفْرِطٌ وَمُبْغِضٌ [مُفَرِّطٌ]. وَقَدْ جَاءَ فِي الحَدِيثِ أَنَّهُ يَهْلِكُ فِيهِ رَجُلاَنِ مُحِبٌّ مُطْرٍ وَمُبْغِضٌ مُفْتَرٍ، وَهَذِهِ صِفَةُ أَهْلِ النَّبَاهَةِ وَمَنْ بَلَغَ فِي الدِّينِ وَالْفَضْلِ الغَايَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute