وإنما الضعيف حديث الراوي الصدوق الذي ليس بحافظ, أو المعلومُ بالاختلاف في رفعه أو إسناده, والمضطرب اضطرابًا يسيرًا, أو نحو ذلك مما اختلف العلماء في التعليل للحديث به, أو الجرح للراوي به, ولا تظهر قوة في دليل رَدِّهِ, ولا دليل قبوله.
وأكثر التضعيف إنما يكون من جهة الحفظ, وعند الأصوليين: أنه لا يقدح به حتى يكون الخطأ راجحًا على الصواب, أو مُسَاوِيًا له, وفي المساوي خلاف عندهم, وقد تقدم ذكر هذه المسألة, وهي مقررة في كتب علوم الحديث وكتب الأصول , فعلى هذا الوجه تكون رواية الإمام أبي حنيفة عن بعض الضعفاء مَذْهَبًا واختيارًا, لا جهلاً واغترارًا.
المحمل الثّاني: أن يكون ضعف أولئك الرواة الذين روى عنهم مختلفًا فيه, ويكون مذهبه وجوب قبول حديثهم, وعدم الاعتداد بذلك التضعيف؛ إما لكونه غير مفسر لسبب, أو لأجل مذهب, أو غير ذلك, وقد جرى ذلك لغير واحد من العلماء والحفاظ, بل لم يسلم من ذلك صَاحِبَا " الصحيح ".
وكذلك أئمة العلم: هذا الإمام الشافعي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أكثر من الرواية عن إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي, وَوَثَّقَهُ, وقد خالفه الأكثرون في ذلك. وقال ابن عبد البر في " تمهيده ": «أَجْمَعُوا عَلَى تَجْرِيحِ ابْنِ أَبِي يَحْيَى, إِلاَّ الشَّافِعِيُّ».