عن مسلم تنصيصًا كما تقدم, وفيه دلالة على أن رواية العالم لحديث الرجل الضعيف لا تدل على جهله بضعفه.
وكذلك البخاري قد ضَعَّفَ هُوَ بَعْضَ من روى عنه في " الصحيح " , ذكر ذلك الذهبي في " الميزان "(١) , وهذا يدل على أنه لم يعتمد على ذلك الراوي الذي ضَعَّفَهُ, لولا شواهد لحديثه ومتابعات، وهذا من لطائف علم الحديث.
ولذا قال الإمام النووي:«إِنَّ مَنْ صَحَّحَ حَدِيثًا عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ لِكَوْنِ رَاوِيهِ مِنْ رُوَّاةِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ؛ فَقَدْ وَهِمَ فِي ذَلِكَ».
المحمل الرابع: أن تكون رواية الإمام أبي حنيفة من قبيل تدوين ما بلغه من الحديث صحيحه وضعيفه, كما هو عادة كثير من مُصَنِّفِي الحفّاظ أهل السنن والمسانيد, وغرضهم بذلك حفظ الحديث للأمة لينظر في توابعه وشواهده, فإن صح منه شيء عُمِلَ بِهِ وإن بطل شيء حُذِّرَ من العمل به, وإن احتمل شيء الخلاف كان للناظر من العلماء أن يعمل فيه باجتهاده.
وفي الرواية المشهورة عن البخاري أنه كان حفظ ثلاث مائة ألف حديث, منها: مئتا ألف غير صحاح.