فانظر كيف تَأَدَّبَ أبو عبد الله الذهبي, وذكر جلالة الأئمة المتبوعين في الإسلام, وَنَصَّ على أن ذكرهم في كتب الجرح والتعديل لا يضرهم عند الله, ولا عند الناس. وهكذا فليكن ذكر العالم لمن هو أعلم منه؛ بأدب, وتواضع, وتعظيم, وتوقير, جعلنا الله ممن عرف قدر الأئمة, وعصمنا من مخالفة إجماع الأئمة.
وبهذه الجملة تم كشف عوار هاتين الشُّبْهَتَيْنِ الضَّعِيفَتَيْنِ في علم إمام أكثر أهل الإسلام, الذي أجمع على إمامته العلماء الأعلام. وقد أحببت التقرب إلى الله تعالى, والتشرف بخدمة مناقبه العزيزة, والذب عن معارفه الغزيرة, بذكر هذه الأحرف الحقيرة اليسيرة, ولم أقصد التعريف بمجهول من فضائله, ولا الرفع لمخفوض من مناقبه, فهو من ذلك أرفع مكانًا, وَأَجَلَّ شَأْنًا.
انتهى كلام ابن الوزير بطوله، وفيه وفي ما تقدم من نصوص الأئمة
= القارئ الترجمة بما ترجمه به الذهبي نفسه في " تذكرة الحفاظ " و" سير أعلام النبلاء "، و" تهذيب التهذيب " لرأى بينهما بُعْدَ المشرقين، وقد سبق في ص ٨٧، نص ترجمة أبي حنيفة بتمامه من " تهذيب التهذيب "، كما نقلنا سابقًا نصوص الذهبي من " سير أعلام النبلاء " في تقريظه البالغ لأبي حنيفة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، فمن قرأ تلك النصوص ونص ترجمة " التذهيب " لازداد يقينًا بدس الترجمة الموجودة في بعض نسخ " الميزان "، وعذر ابن الوزير في هذا الاعتذار عن الذهبي - ولم يكن إليه أي حاجة - عدم وقوفه على نسخ " الميزان " الصحيحة، وابن الوزير يشكو في " العواصم والقواصم ": قلة كتب المحدثين عنده.